خالد فاتيحي
كشفت مصادر برلمانية موثوقة لجريدة “العمق” أن فرق ومجموعة المعارضة بمجلس النواب، قررت الدعوة لتشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق حول دعم إستيراد الماشية، وذلك لحسم الجدل حول الأرقام الحكومية المتضاربة بشأن هذا الدعم.
وأوضحت مصادر الجريدة، أن فرق الاتحاد الاشتراكي والحركة والشعبية والتقدم والإشتراكية إضافة إلى مجموعة العدالة والتنمية، اتفقت على طرح مبادرة برلمانية رقابية وفق أحكام الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب للشروع في جمع توقيعات ممثلي الأمة بهدف تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول دعم إستيراد الأغنام والأبقار، للوقوف عن حقيقة المعطيات المتعلقة بقائمة المستوردين المستفيدين من الدعم والكلفة المالية الحقيقية.
وتأتي هذه المبادرة الرقابية، وفق ما أكدته مصادر الجربدة، لتقديم أجوبة واضحة وشافية عن أسئلة حارقة يطرحها الرأي العام الوطني، تتعلق بالوثائق المُثبِتة لمصدر هذا الاستيراد وأثمانه، وكذا بالأرباح التي تحوم الشكوك حول مشروعيتها، وحول شفافية العمليات التجارية المرتبطة بها.
وكشفت المصادر البرلمانية ذاتها أن قوى المعارضة النيابية ستشرع مع افتتاح الدورة الربيعية للبرلمان في مراسلة عضوات وأعضاء مجلس النواب من أجل التوقيع على طلب تشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق حول دعم اسيراد الماشية وما ارتبط به من شكوك بخصوص مدى شفافية العملية وسلامتها ومشروعيتها، وذلك بناءً على أحكام الدستور، والقانون التنظيمي المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق، وكذا على النظام الداخلي لمجلس النواب.
ووفق الفصل 67 من الدستور والقانون التنظيمي رقم 085.13 المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق، فإن لجان تقصي الحقائق تمثل هيكلا مؤقتا للجان النيابية بمجلس النواب، يجوز أن تشكل بمبادرة من الملك، أو بطلب من أغلبية أعضاء مجلس النواب، أو ثلث أعضاء مجلس المستشارين.
ويناط بهذه اللجان جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة، أو بتدبير المصالح أو المؤسسات والمقاولات العمومية، وإطلاع المجلس الذي شكلها على نتائج أعمالها (الجلسات المخصصة لتقديم أعمال لجان تقصي الحقائق)، حيث تنتهي أعمالها بإيداع تقريرها لدى مكتب المجلس المعني، وعند الاقتضاء، بإحالته إلى القضاء من قبل رئيس هذا المجلس.
ووفق القانون التنظيمي ذاته، فلا يجوز تكوين لجان لتقصي الحقائق في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية، مادامت هذه المتابعات جارية؛ وتنتهي مهمة كل لجنة لتقصي الحقائق، سبق تكوينها، فور فتح تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها.
وقبل أيام، أعلنت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، عن حصيلة عملية دعم الاستيراد الاستثنائي للأغنام الموجهة لعيد الأضحى برسم سنتي 2023 و2024، وذلك بعد الجدل الذي أثارته هذه العملية وعدد المستفيدين منها.
وقالت الوزارة في بلاغ لها، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، إن تكلفة الدعم الذي وجهته الحكومة لتشجيع استيراد الأغنام الموجهة لعيد الأضحى، بلغت 437 مليون درهم، منها 193 مليون درهم برسم سنة 2023، و244 مليون درهم برسم سنة 2024.
وأوضحت الوزارة أنه تم استيراد ما يناهز 875 ألف رأس من الأغنام، موزعة على الشكل التالي: 386 ألف رأس سنة 2023، و489 ألف رأس خلال سنة 2024.
وبحسب البلاغ ذاته، فقد تم فتح المجال أمام جميع المستوردين الذين تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها في القرار الوزاري المشترك بين وزارة المالية ووزارة الفلاحة.
وكشفت الوزارة أن عدد المستوردين الذين تمكنوا من الانخراط في مسطرة الاستيراد، بلغ 156 مستوردا، موزعين بين 61 مستورد سنة 2023، و95 مستورد سنة 2024، مشيرة إلى أن عملية استيراد الماشية لا تزال مفتوحة، مع استمرار العمل بتعليق الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة.
واعتبرت أن هذه الإجراءات كان لها أثر ملموس على توفير وتعزيز العرض من الأغنام خلال عيد الأضحى لسنتي 2023 و2024، علاوة على المساهمة في الحفاظ على القطيع الوطني، كما مكنت من ضمان تموين الأسواق من اللحوم الحمراء والمحافظة على استقرار الأسعار وعدم ارتفاعها إلى مستويات قياسية، وفق البلاغ.
وشدد على أن تعليق الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة، لم ينتج عنه أي أثر مالي على ميزانية الدولة، بالنظر لكون تطبيق هذه الرسوم خلال السنوات الماضية (%200) كان ذا طابع حمائي للقطيع الوطني ولم يكن يدر على خزينة الدولة أية موارد.
وأشارت الوزارة إلى أنه في ظل ارتفاع نسب التضخم عالميا وتوالي سنوات الجفاف، أقرت الحكومة منذ تنصيبها حزمة إجراءات تروم دعم القدرة الشرائية للمواطنين، على غرار إعفاء مجموعة من المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع من الضريبة على القيمة المضافة، وإقرار إعفاءات جمركية على عدد من المنتجات، مثل القمح اللين والماشية والمعدات الموجهة للاستخدام الفلاحي، وهو ما كان له أثر إيجابي على أسعار عدد من المواد الأساسية.
وأضافت أن الحكومة اتخذت إجراءات استثنائية إضافية خلال سنتي 2023 و2024، عبر تخصيص دعم يقدر بـ500 درهم لكل رأس من الأغنام الموجهة للذبح خلال عيد الأضحى، بالنظر إلى الظرفية الراهنة، المطبوعة أساسا بتوالي سنوات الجفاف التي أثرت بشكل سلبي على الموفورات العلفية، وساهمت في تراجع كبير لأعداد القطيع الوطني وارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بشكل ملحوظ.
ولفتت إلى أن هذه الإجراءات أخذت بعين الاعتبار أن تعليق الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة المطبقة على استيراد الأغنام لم يكن لوحده كافيا لرفع وتيرة الاستيراد وتحقيق وفرة في الأغنام خلال عيد الأضحى.