شهدت جنوب إفريقيا مأساة إنسانية جديدة في منجم الذهب ستيلفونتين، حيث لقي ما لا يقل عن 78 عاملاً غير قانوني، يُعرفون محليًا باسم “زاما زاماس”، حتفهم بعد أن ظلوا محاصرين لمدة شهرين دون ماء أو طعام.
واضطر أكثر من 4,000 عامل لمواجهة نقص حاد في الإمدادات الأساسية نتيجة استراتيجية ممنهجة للشرطة التي منعت إيصال الماء والطعام إلى العمال في محاولة لإجبارهم على الاستسلام أو الموت.
وقد أظهرت الصور المروعة لجثث العمال حجم القسوة التي رافقت هذه الاستراتيجية، مما أثار موجة من الغضب بين المنظمات الحقوقية.
ورغم محاولات منظمات غير حكومية للمطالبة بتدخل قضائي، جاء الإنقاذ بعد فوات الأوان. وأكدت رائحة الجثث المتحللة في المناجم المهجورة التي يبلغ عمقها كيلومترين مدى الإهمال.
تصريحات المسؤولين الحكوميين، مثل وزير الموارد المعدنية والبترولية غويدي مانتاشي والوزير خومبودزو نتشافيني، وصفت العمال السريين بطريقة غير إنسانية، مما سلط الضوء على استمرار التمييز العنصري ضد العمال الفقراء من جنوب إفريقيا والدول المجاورة.
أثارت هذه المأساة مقارنات مع مذبحة ماريكانا في 2012، حيث قتلت الشرطة 34 عاملاً. ولكن مذبحة ستيلفونتين تفوقت في وحشيتها، حيث استُخدم التجويع كأداة للقمع، مما يعكس استمرار الأنماط القمعية في مرحلة ما بعد الفصل العنصري.
لطالما اعتمد اقتصاد جنوب إفريقيا على عرق جبين العمال المهاجرين من موزمبيق، مالاوي، وزيمبابوي. ومع ذلك، يواجه هؤلاء العمال استغلالًا متكررًا في ظل ظروف قاسية لإثراء نخبة اقتصادية.
ووصف زويلينزيما فافي، الأمين العام لاتحاد النقابات، هذه الأحداث بأنها “إهمال متعمد من الدولة”، فيما أكد المحامي ريتشارد سبور وجود دوافع قانونية قوية لمقاضاة الحكومة، معتبرًا أن منع الإمدادات كان سيؤدي بشكل حتمي إلى وفاة العمال.
وتعتبر مذبحة ستيلفونتين رمزًا صارخًا لاستمرار الفصل العنصري في أشكال جديدة، مما يضع الحكومة الجنوب إفريقية تحت المجهر ويدعو لإعادة النظر في سياساتها تجاه العمال المهاجرين والمناجم.