حميد زيد – كود//
لقد ظهرت هواية جديدة في المغرب.
ولها جمهورها. ونخبتها. ومواقعها. و صحفها. وصفحاتها.
ولها المنخرطون في أنديتها وجمعياتها.
ولها ممارسوها.
الذين يفتشون في كل مكان. وفي الأرشيف. وفي الفيديوهات القديمة.
وفي المسيرات.
وفي فرنسا. وفي السلفادور. وفي السماء. وفي باطن الأرض. وفي الدغل.
وفي التفجيرات.
وفي الطائرات. وفي التاريخ.
وفي ماضي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وفي العملاء.
وفي الإرهابيين.
وفي الكلام.
بحثا عن فلسطيني يعادي المغرب وقضيته الأولى.
وكلما عثروا على واحد. أو واحدة.
فرحوا بذلك.
وجاؤوا به إلى الفيسبوك.
ليؤكّدوا لنا أن الفلسطيني يستحق الإبادة التي يتعرض لها.
وأن إسرائيل أفضل منه.
وأن ما ترتكبه دولة الاحتلال جميل وضروري ولا يستلزم أي إدانة.
ولا أي تضامن مع الضحية.
وبنفس منطقهم.
فإنه بإمكاني أن أقدم لهم كل يوما مغربيا يعادي القضية المغربية الأولى.
وهنا في الداخل.
وفي الخارج.
وفي فرنسا. وفي إسبانيا. وفي الفيديوهات. وفي الأرشيف.
وعندي منهم الكثير.
وأكثر من الفلسطينيين.
بينما لا يعني هذا أن المغربي يعادي المغرب.
ولا يعني هذا أن يؤخذ المغربي بجريرة مغربي آخر.
ولا يعني هذا أن نضع كل المغاربة في سلة واحدة.
لكن يبدو أن هواية صيد الفلسطيني لا تخضع لأي منطق.
وهواة هذا الصيد مصرون على قنص أي فلسطيني يظهر لهم.
وفي أي مظاهرة.
وفي أي وقفة.
وفي أي شجرة.
ولو كان متنكرا في صفة فلسطيني.
ولو كان مأجورا.
فإنهم يعتبرونه صيدا ثمينا.
وبعد أن يسقطوه. فإنهم يأتون به محمولا إلى الفيسبوك.
وفيه يقومون بتقطيعه.
والتهامه.
وتوزيعه على جمهورهم الذي يتلذذ بأكل الفلسطيني المعادي للمغرب.
وحتى لو كان هذا الفلسطيني مجنونا.
وحتى لو كان مسخرا.
وحتى لو كان يتلقى عمولة مقابل خروجه إلى التظاهر.
وحتى لو كان يشتغل لحساب النظام الجزائري.
وحتى لو كان ماركسيا لينينيا له نفس موقف حزب النهج الديمقراطي.
ونفس موقف بعض أعضاء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
فإن هواة صيد الفلسطيني لا يترددون في قنصه.
وفي الطواف به.
وفي إظهاره لكل المغاربة.
كي يكفوا عن التعاطف مع الفلسطيني.
وكي يقتنعوا أنه شرير.
ولا يحبنا كما نحبه.
ولا يتضامن مع قضيتنا كما نتضامن مع قضيته.
ويجب أن تكون صيادا صغيرا.
يجب أن تكون صيادا جاهلا.
يجب أن تكون صيادا مغرضا ولا مبدأ لك.
وتفتقد لأي ذرة أخلاق.
كي تقنص هذا النوع من الفلسطينيين وتعتبرهم يمثلون فلسطين.
ويمثلون الموقف الرسمي الفلسطيني.
ويمثلون المقاومة الفلسطينية.
وكي تقوم بهذا التعميم.
وكي تلجأ إلى هذه الحيلة. وهذا الأسلوب.
وكم من مغربي عميل.
وكم من مغربي في الخارج يتلقى عمولة من أعداء وحدتنا الترابية.
وكم من مغربي يقذف بلاده بالحجارة.
وكم من مغربي متطرف.
فهل نقوم بقنصهم.
ونقدمهم كدليل على أن المغرب ضد المغرب.
وعلى أن المغرب لا يستحق أن ندافع عنه.
وأنه علينا أن نتخلى عنه.
لوجود مغربي يشتم رموز المغرب.
ورغم ذلك
ورغم أن هؤلاء الصيادين يخرقون قانون الصيد.
ويتجاوزون كل القيم.
ورغم أنهم مقتنعون بأنه ما يقومون به غير أخلاقي
وأقرب إلى العنصرية
فإنهم لا يرعوون.
ويبحثون عن الفلسطيني في كل مكان.
وفي الصحراء.
وفي جبهة البوليساريو.
وفي الجيب. وفي الحفرة. وفي الجحر. وفي الخيانة. وفي الصور القديمة.
وفي الإيديولوجيات الميتة.
وكلما اصطادوا واحدا
هللوا فرحا به
وخرجوا يهتفون و يحتفلون بصيدهم الثمين
و فرجونا عليه
وهدفهم
هو أن يكف المغربي عن أن يكون إنسانا
وأن يقتنع بأن المقتول مذنب
والقاتل جيد
وصديق
وجميل
ولا يعادي قضيتنا الوطنية الأولى.