حميد زيد – كود//
من حقك أيها الأستاذ أن تطالب بزيادة في الأجر.
من حقك أن تحسن وضعيتك المالية. كما يفعل كل أصحاب المهن الأخرى.
من حقك أن تعيش بكرامة.
من حقك أن تضغط على الحكومة. وتحرجها. إلى أن تستجيب لك.
من حقك أن تهدد بسنة بيضاء.
من حقك أن تلعب بورقة التلاميذ.
من حقك أن تقارن راتبك براتب رجل التعليم في إسبانيا والبرتغال.
من حقك أن تستعمل كل الأساليب الممكنة.
و كل أشكال النضال المتاحة لك.
من حقك أن تُضرب سنة كاملة وترفض أي اقتطاع.
من حقك أن تقول لنا إن المعلم في اليابان يتقاضى راتبا يفوق راتب الوزير.
من حقك أن تحكي لنا عن الأستاذ في كندا. وفي السويد. وفي فنلندا.
من حقك أن تؤلف القصص.
و سنصدقك.
ولن نبحث في غوغل. ولن يحرجك أحد. ولن يقول لك أحد نحن في المغرب. ومقارناتك ليست في محلها.
لأن معظم المغاربة متضررون.
وربما لأننا لسنا رجال تعليم. وثقافتنا متواضعة. ربما لهذا السبب نحن مع المونديال.
ومع بناء الملاعب.
و سعداء لأن كأس العالم ستنظم في بلادنا.
وربما لهذا السبب لا نقارن بين راتب ميسي ورواتبنا.
ولا نقول إن المعلم في البرازيل يتقاضى ضعف راتب نيمار في الهلال.
و ربما لهذا السبب لا نحتج على أجور اللاعبين. وعلى راتب الركراكي. وعلى الأموال التي ننفقها على الكرة.
ربما ينقصنا الوعي الذي يتوفر عليه الأستاذ.
و الذي يريد أن يحرمنا من تنظيم كأس العالم كي يحصل على زيادة في الأجر..
و هذا النقص في الوعي هو الذي يدفعنا إلى أن نقارن المغرب بدول مثله.
ولن نقول إنك تبالغ أيها الأستاذ المغربي. و إن نِصف ما تحكيه ليس بيداغوجيا بالمرة.
لن نقول لك أي شيء.
لكن رجاء اترك لنا المونديال.
فقد انتظرناه طويلا.
هذا كل ما نطلبه منك.
و ليس من المقبول أن تلعب به هو الآخر أيها الأستاذ المغربي.
إننا في أمس الحاجة إليه.
دولة وشعبا وجمهورا. ومتعلمين وجهلة.
وهو مهم لحاضر المغرب و مستقبله. ولرجال التعليم. وللأطباء. وللعاطلين. و للفنانين. وللصيادين. وللخياطين. وللمحامين. و لرجال الشرطة…
وهو مهم للمغرب. و لصورته. و لإشعاعه. و لتقدمه.
ومن الأنانية أن نقحمه في الموضوع. و نوظفه. بهذه الطريقة. ومن أجل مصالح فئوية.
ولا تقارن نفسك أيها الأستاذ بملعب. لأن هذا لا يجوز.
فأنت لست ملعبا. ولا مستودعا. و لا دكة احتياط.
أنت أكبر من ذلك.
والمدرسة ليست مدرجات. والمرمى ليس سبورة. والعشب ليس ساحة استراحة.
والدولة لن تلتزم برواتب للملاعب إلى أبد الآبدين.
و ليس لها مئات الآلاف منها.
كما أنه يمكننا أن نبني ملعبا جديدا ونربي الأجيال في نفس الوقت.
لهذا قل أيها الأستاذ. إنك تريد زيادة في الراتب.
لكن دع كأس العالم وشأنه. ولا تقترب من هذا المجال. ولا تخلط بين الأمور.
ولا ترفع شعار”تعليم الأجيال قبل المونديال”.
فالأجيال لن يعجبها مثل هذا الكلام. وهي في صف المونديال. ولا يجوز أن تتكلم باسمها.
ولو سألتها أيها الأستاذ المغربي لقالت لك المونديال قبل تعليم الأجيال.
ثم إن الملاعب الجميلة التي سنبنيها تشجع على التعلم.
ومنظرها ينمي الذكاء. ويفتح العقول.
وكل ما سينجزه المغرب من أجل تنظيم مونديال 2030 يساعد على التفتح العقلي. وينشط الدماغ. ويمنح الأجيال الصاعدة.
وسوف يمنحنا ذلك مواطنا مغربيا متفائلا.
ومعتزا بنفسه.
مغربيا عينه على المستقبل.
مغربيا لا يميل إلى خطاب البؤس كالمغربي الخالي.
مغربيا يقارن الأشياء التي تقارن في ما بينها.
مغربيا يقطع مع المغربي الحالي الذي يريد زيادة في الأجر ويوظف التلميذ في ذلك.
مغربيا لا يشبه المغربي االحالي الذي لا يريد أن يدفع الضرائب الواجبة عليه بدعوى أن مهنته نبيلة كما كان كان يردد المحامون.
فأي تعليم في المغرب بملاعب لا تصلح للعب.
وأي تعليم بمواصلات وبطرق متهالكة.
أي تعليم في المغرب يحتج فيها أساتذته على تنظيم كأس العالم.
وقد مر قبلك أيها الأستاذ من كانوا يرفضون الترام. والقطار فائق السرعة.
بنفس الشعبوية.
وبنفس طريقة التوظيف.
لكن مغرب اليوم ببراقه وبشبكة الترامواي لهو أفضل بكثير من مغرب الأمس.
وقد انسحبوا الآن. ولم يعد أحد منهم يتحدث عن جدوى الترام.
وعن بناء المدارس.
لأنها أشياء لا يجوز أن تقارن في ما بينها.
وقد أصابت عدوى الترام الناس.
ودفعتهم إلى اكتساب روح المدينة. وعلمتهم. ولنا لنا جيل تخرج من الترام. ومن النظام الذي يفرضه.
ولن نتحدث عن الميزانية. وعن كتلة الأجور. وعن عدد رجال التعليم الكبير. وعن قدرة الدولة.
لن نتحدث عن كل هذا أيها الأساتذة.
ولن نميل إلى أي طرف.
ولن نتدخل في ما يطالب به رجال التعليم.
فمن يقدر منا أن يقول لك هذا ليس من حقك أيها الأستاذ.
من يجرؤ.
من هذا المخزني.
من هذا الذي يوظفه عزيز أخنوش وفوزي لقجع.
من هذا المسخر.
من هذا الذي يسخر من مقارنات رجال التعليم.
من هذا الذي يقول إنها ليست في محلها.
من هذا الذي يقول إنها لا يمكن أن تأتي من رجال ونساء تعليم.
من هذا الذي يستغرب كيف يفضل رجال التعليم الزيادة في أجورهم. على تنظيم المغرب لكأس العالم.
من هذا الذي لا يفهم ماذا أصاب رجل التعليم في المغرب.
وكيف تراجع خطابه.
وكيف صار يقلد العامة.
من هذا الذي يصدق أن الأمر يتعلق ب”تعليم الأجيال”.
لا أحد
لا أحد
لا أحد يصدق رجال التعليم.
لا أحد يصدق
هذه الموسيقى
وهذا العزف الجميل والمؤثر
وسط مطالب فئوية. تلعب بتعليم الأجيال. بينما عينها على الزيادة في الراتب.
وهو مطلب عادل ومشروع
لكن رجاء أيها الأساتذة
دعوا المونديال و شأنه.
دعوا الأجيال ولا تتحدثوا باسمها
ودعوا قضيتكم في إطارها ولا تنحرفوا بها.
ولا تبالغوا كثيرا.