حميد زيد – كود
حتى العّمال تم تسليمهم عن طوع خاطر لعبد الإله بنكيران.
حتى العمل النقابي تم الانسحاب منه.
وتم منحه للعدالة والتنمية.
وبدل الطبقية.
وبدل الصراع.
وبدل الطبقة الكادحة.
أصبحنا نسمع الآن عن العامل المتدين. وعن حقه في أداء فرائضه الدينية.
حتى فلسطين.
هذه القضية العادلة.
التي كانت تعبئ بها الأحزاب التاريخية المغربية قواعدها تم التفريط فيها بغباء منقطع النظير.
وتم منحها على طبق من ذهب لعبد الإله بنكيران.
ليحتكرها.
وليتفوق بها أخلاقيا على منافسيه.
وقد كانت فلسطين قضية موحدة لليسار.
كانت جاذبة لكل القوى.
كانت جامعة.
كانت استعراضا جماهيريها للقوة.
وبخفة
وبتهور.
تمم تقديمها كهدية للإسلاميين.
وكم هو محظوظ عبد الإله بنكيران بهذه الطبقة السياسية المغربية.
وبهذه الأحزاب المغربية.
وبمن يفترض فيهم أن ينافسوه.
و يعارضوا خطابه.
وبفضلهم.
وبفضل انسحابهم من كل شيء.
وبفضل تعويلهم على الدولة وانصهارهم في خطابها.
وبفضل تبعيتهم المطلقة.
وجد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الساحة فارغة.
يقف فيها دون أن يزاحمه أحد.
ويمشي فيها في راحة تامة.
ولا عثرة أمامه.
ولا من يقدم أي سلعة سياسية تزاحم سلعته.
ولا أحد ينافسه.
و أي شيء ينطق به. وأي خطاب. وأي كلمة. يلقى صدى لدى الناس.
ويسمعه الجميع.
ويتحدث عنه الجميع.
وحين تفرط في النقابات وفي الشارع.
وحين تختار عن قناعة التنسيق في كل شيء مع الدولة.
والتفاوض مع السلطة.
وحين تنسحب من التظاهر.
ومن التعبئة.
ومن الاستقطاب.
ومن التواصل مع المواطنين.
وحين تتخلى عن ملء الشارع.
فإنك بذلك تمنح جرعة حياة لعبد الإله بنكيران.
كأنه الوحيد الذي يمارس السياسة في هذا البلد.
أما خصومه
فهم في حاجة إلى من يدفعهم
ويشترطون كي يلعبوا دورهم
الحصول على مقابل
وهذا يزيد من تألق الأمين العام لحزب العدالة والتنمية.
ومن حضوره
ومن انتشاره
ومن تأثيره.
مستغلا
ومستفيدا من هذا الفراغ الهائل
والمحيط به من كل جانب.
والذي يجعل أي كلمه ينطق بها
يسمع صداها في كل مكان
والذي يجعل أي موقف يصدر عنه
ولو كان بسيطا
حدثا سياسيا
في مملكة تنام فيها السياسة من أعوام.
ولا من يوقظها.