أخر المستجدات

الأكثر قراءة

الرئيسيةرآيمُهاجرون أصليون

مُهاجرون أصليون

يونس جنوحي

بعكس أغلب دول أوروبا والعالم، تبقى الولايات المتحدة الأمريكية أول بلاد في العالم تتكون أساسا من المهاجرين.

نيويورك هذه الأيام، خلال أمسيات الشهر الفضيل، تتسامح مع مشاهد أداء صلاة التراويح في قلب ساحة «التايم سكوير» الشهيرة، ويقف المصلون جنبا إلى جنب مع لوحات الإشهار الضخمة التي تُعلن لشركات الأزياء والتجميل والموضة وحتى الخمور.

حسب استطلاعات الرأي، لا يجد أغلب الأمريكيين أي إحراج في أن يمارس مُسلمو المدينة معتقداتهم الدينية ويؤدوا صلواتهم في الهواء الطلق، ووحدها برودة الجو تمنع بعض المصلين من الوقوف مطولا إلى نهاية التراويح. على عكس بعض المدن الأوروبية حيث يتعرض المسلمون لمضايقات عديدة أثناء أداء صلوات التراويح. ففي أغلب المساجد والمراكز الإسلامية، لا تكفي مساحات المساجد لإيواء المصلين كل ليلة، مما يجعل القائمين عليها، مضطرين إلى تجهيز المساحات المحيطة بهذه المساجد والمراكز الإسلامية بسجادات الصلاة لكي يُتيحوا للوافدين فرصة أداء صلوات التراويح والتجهد في ساحات وأزقة مجاورة.

اليمين المتطرف مثلا في ألمانيا وهولندا وفرنسا، لديهم مشكلة مع أداء الصلاة داخل المراكز الإسلامية والمساجد، فما بالك مع مشاهد وصور المصلين وهم «يغزون» الأزقة والساحات وحتى «مواقف» السيارات.

هناك أيضا شباب مغاربة، خصوصا من الأطر والكفاءات المغربية الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة وكندا، خطفوا الأضواء بعد انتشار مقاطع تسجيلية لهم وهم يقرؤون القرآن الكريم على الطريقة المغربية، في قلب مساجد يحضر داخلها مصلون من كل الجنسيات تقريبا. وبفضل هذه الكفاءات المغربية، تعرف المسلمون حول العالم على خصوصية القراءة المغربية وتفردها.

أما في نيوزلندا، فلا يزال المصلون يتذكرون العمل الإرهابي الذي قاده أحد اليمينيين المتطرفين قبل عامين، لكن هذا لم يمنع المصلين من التوجه بكثافة إلى المساجد لأداء صلوات التراويح بل وحضور أنشطة رمضانية من قبيل المسابقات والأنشطة التي تُنظم لفائدة أبناء المسلمين حتى يتعرفوا على دينهم وثقافة الإسلام واللغة العربية عموما.

في الولايات المتحدة الأمريكية، تُحيي طوائف كثيرة أجواء رمضان، ومن بين المصلين قد تجد مُسلمين اعتنقوا الإسلام مؤخرا فقط، وينحدرون من أصول مهاجرة، خصوصا الأمريكيين المنحدرين من أصول إفريقية، والذين جاء أجدادهم إلى أمريكا قبل حصولها على استقلالها، بل وقبل أغلب الفئات الأوروبية الأخرى التي تعتبر نفسها من مؤسسي الدولة.

إذ المعروف أن الأمريكيين المنحدرين من القارة الإفريقية، جيء بهم إلى أمريكا على متن السفن التي نقلت العبيد لكي يمارسوا الأعمال الشاقة وأُجبروا على إعداد الأراضي التي سيطر عليها المهاجرون من أوروبا، خصوصا بريطانيا واسكتلندا وإيرلندا، لكي تصبح صالحة لممارسة الزراعة. ثم استُعملوا أيضا في بناء المدن وإعداد الطرق ومات عشرات الآلاف منهم أثناء عمليات الحفر وإمداد الطرق.

وفي عز حملات التحرر والمقاومة لتحقيق المساواة مع الأمريكيين البيض في ستينيات القرن الماضي، وسطوع نجم «مالكوم إكس»، والملاكم محمد علي «كلاي»، اعتنق الأمريكيون الأفارقة الإسلام بكثافة، بل ووصل الأمر حد اعتناق سجناء أمريكيين أفارقة الإسلام داخل السجون والتزامهم بتعاليم الدين الإسلامي وتحولوا من مُجرمين مدانين وأعضاء عصابات إلى مواطنين صالحين.

اليوم، يمارس أبناء الجيل الثالث فرائض دينهم في قلب أهم شارع في الولايات المتحدة الأمريكية، وبين الفينة والأخرى يبرز متعصبون لكي يهاجموا «مد» المهاجرين من الدول الإسلامية داخل الولايات المتحدة، ناسين أن الإمام الذي يؤم الناس في واحدة من أهم الساحات في نيويورك، رغم برودة الجو هذه الأيام، ليس إلا أمريكيا أكثر منهم، ولا يتعلق الأمر بمهاجر جديد حصل لتوه على «الگرين كارد».

إقرأ الخبر من مصدره

مقالات ذات صلة