يمثل محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أمام المحكمة الابتدائية بمراكش يوم الخميس 18 يوليوز، في أولى جلسات محاكمته على خلفية شكاية مباشرة تقدم بها البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار يونس بنسليمان، النائب الأول السابق لعمدة مراكش، على إثر تصريحات للغلوسي تتعلق بملف المحطة الطرقية بحي العزوزية بالمدينة الحمراء.
وتعود فصول القضية إلى ندوة صحفية عقدها المكتب الجهوي للجمعية بمراكش، سلط فيها الضوء على الاختلالات التي شابت صفقة إنجاز المحطة الطرقية التي كلّفت حوالي 12 مليار سنتيم، حيث أشار الغلوسي إلى وجود شبهات فساد وتبديد أموال عمومية، ما اعتبره بنسليمان مسًّا بسمعته وتشهيراً، ليُبادر إلى مقاضاة رئيس الجمعية.
ويُتابَع بنسليمان نفسه، حسب ما جاء في بيان الجمعية، في ملفات ثقيلة أمام غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بمراكش، من ضمنها ملف يتعلق بتبديد العقار العمومي، وملف آخر مرتبط بالاختلالات التي شابت صفقات مؤتمر “كوب 22”. كما سبق أن أُدين ابتدائياً واستئنافياً بسنة موقوفة التنفيذ وغرامة مالية من أجل جريمة غسل الأموال.
وكان الغلوسي هدفا لانتقادات حادة من مسؤولين، الذي قادت عددا منهم إلى محاكمات أو لقضاء فترة في السجن بسبب تهم فساد مالي استندت فيها النيابة العامة إلى شكايات لهذه الجمعية.
وعقب هذا التطور، عقد المكتب الوطني للجمعية المغربية لحماية المال العام اجتماعاً استثنائيا الخميس، عبّر خلاله عن “إدانته الشديدة” لما وصفه بـ”محاولة ترهيب رئيس الجمعية”، معتبراً أن هذه المتابعة القضائية تُشكل “رسالة تخويف لكل من يجرؤ على فضح الفساد ونهب المال العام”.
وجاء في البيان أن هذه الشكاية ليست سوى “رد فعل منسّق من لوبيات الفساد بتواطؤ مع بعض الجهات التي تحاول عزل المجتمع عن معركة مكافحة الفساد”، مشيراً إلى أن هذه التحركات تستهدف المس بمصداقية الجمعية وتطويق نشاطها في ظل “صمت رسمي مريب”.
وأكدت الجمعية أن أساليب الضغط والملاحقة القضائية “لن تُثني مناضليها عن أداء دورهم في كشف الفساد والمطالبة بمحاسبة المتورطين ومصادرة الأموال المنهوبة”، داعية إلى التعبئة من أجل حماية الفاعلين المدنيين من حملات التشويه والانتقام.
وأعلن المكتب الوطني عن تعبئة هيئة الدفاع من محامين في مختلف هيئات المغرب لمؤازرة محمد الغلوسي خلال الجلسة المقبلة، مؤكداً “دعمه الكامل وغير المشروط له”، كما وعد بإطلاق برنامج نضالي سيتم الإعلان عنه لاحقاً لفضح ما وصفه بـ”خلفيات الشكاية والجهات الواقفة وراءها”.
ودعت الجمعية كافة القوى السياسية والحقوقية والجمعوية إلى الانخراط في معركة محاربة الفساد والإثراء غير المشروع، مطالبة السلطة القضائية بتحمل مسؤوليتها الدستورية في حماية المال العام ومساءلة المتورطين الحقيقيين عوض استهداف الأصوات النزيهة.
كما شدد البيان على أن شبكات الفساد “أصبحت تشكل خطراً على التنمية والاستقرار”، وأن استمرار الإفلات من العقاب “يهدد الأمن والسلم الاجتماعيين”، مجدداً التأكيد على أن الجمعية ستواصل عملها رغم الضغوط، وستبقى صوتاً مستقلاً في مواجهة “تبييض الذمم المشبوهة”، على حد تعبير البيان.