في خضم التحولات الجيوسياسية والعسكرية المتسارعة، عاد الحديث مجددا داخل أروقة الأمن القومي الأمريكي حول مستقبل القواعد العسكرية الأمريكية في أوروبا، وتحديدا في إسبانيا، حيث دعا الجنرال روبرت غرينواي، أحد أبرز المسؤولين السابقين في إدارة الأمن القومي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى نقل قاعدتي “روتا” و”مورون” الجويتين من التراب الإسباني إلى المغرب.
ويأتي هذا الموقف تزامنا مع تصاعد الانتقادات داخل الإدارة الأمريكية السابقة بشأن تقاعس بعض الدول الأوروبية، وعلى رأسها إسبانيا، عن الوفاء بالتزاماتها المالية داخل حلف شمال الأطلسي، حيث أعاد غرينواي نشر تغريدة للرئيس ترامب دعا فيها إلى إعادة النظر في الوجود العسكري الأمريكي بإسبانيا، والبحث عن بدائل أكثر موثوقية، على حد تعبيره.
في هذا السياق، يبدو أن المغرب يواصل خطواته لتعزيز قدراته الدفاعية، حيث زار وفد من القوات المسلحة الملكية قاعدة “بومهولدر” الأمريكية بألمانيا، في إطار تدريبات عملية على منظومة الدفاع الجوي “باتريوت باك-3 MSE”، التي تُعد واحدة من أكثر الأنظمة تطورًا في العالم لاعتراض الصواريخ الباليستية والطائرات المعادية.
وقد تخللت الزيارة عروض تقنية متقدمة، استعرض خلالها الجانب الأمريكي قدرات الرادارات المرتبطة بالمنظومة، والتي تتميز بقدرتها على تتبع عشرات الأهداف الجوية وتوجيه الصواريخ المضادة بدقة عالية.
وبحسب مصادر إعلامية، فإن المغرب بات قريبا من الإعلان الرسمي عن اقتناء منظومة “باتريوت”، التي ستنضم إلى شبكة الدفاع الجوي الوطنية، إلى جانب أنظمة “سكاي دراغون 50” و”باراك MX”، مع احتمالات مستقبلية لتوسيع هذه الشبكة بمنظومات أخرى، ما من شأنه أن يُحدث نقلة نوعية في قدرات المملكة الدفاعية.
التحركات المغربية على هذا المستوى، سواء من خلال تطوير بنيتها الدفاعية أو تقديم نفسها كشريك استراتيجي بديل للولايات المتحدة، تأتي في ظل تغيرات إقليمية متسارعة، يُعيد فيها المغرب ترسيخ موقعه كبوابة أمنية بين إفريقيا وأوروبا، وشريك موثوق في قضايا الدفاع والأمن الإقليمي والدولي.