أخر المستجدات

الأكثر قراءة

الرئيسيةمجتمععودة “التشرميل”.. فشل قيمي وتفكك اجتماعي أم ترهُّل قانوني؟

عودة “التشرميل”.. فشل قيمي وتفكك اجتماعي أم ترهُّل قانوني؟

تزايدت حالات حمل السلاح الأبيض والاعتداء به على مواطنين في الآونة الأخيرة، إذ ينقل ضحاياها قصصهم في مواقع التواصل الاجتماعي، مما جعل نشطاء يطالبون بتشديد العقوبات على حاملي السلاح، أمام تفشي هذه الظاهرة التي تهدد سلامة وأمن المواطنين.

وخلال الأيام الأخيرة، ومع بروز قضية التلميذة سلمى، التي كانت ضحية اعتداء بشفرة حلاقة على مستوى وجهها من طرف زملية لها في الدراسة، ظهرت العديد من الحالات الأخرى التي كانت ضحية لاعتداءات مختلفة بالسلاح الأبيض، ومنها حالة أستاذة أرفود التي توفيت متأثرة بجروحها.

ولم تكن هاتان الحالتان الأخيرتان الوحيدتين خلال الأيام الأخيرة، بل هناك شرطي أصيب خلال تدخله لإيقاف شاب يحمل السلاح، وعامل نظافة اعتدي عليه بالسلاح الأبيض، وأم تُدعى خديجة بدورها تلقت ضربات على مستوى وجهها، وغيرها من الحالات التي تفجرت قضياها في مواقع التواصل الاجتماعي.

وأمام ارتفاع منسوب الجريمة بالمغرب وعدم تطبيق عقوبات قاسية في بعضها، والتي يراها العديد من المغاربة غير كافية وبحاجة إلى تعديلات لردع المنفلتين، تزداد الحاجة إلى تغيير القوانين وتشديدها.

وبالرجوع إلى القانون الجنائي المغربي، ينص الفصل 400 منه على أنه: “من ارتكب عمدا ضد غير جرحا أو ضربا أو أي نوع آخر من العنف أو الإيذاء، سواء لم ينتج عنه مرض أو عجز عن الأشغال الشخصية، أو نتج عنه مرض أو عجز لا تتجاوز مدته 20 يوما، يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنة وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين”.

إبراهيم الحمداوي، أستاذ باحث في علم الاجتماع ومتخصص في “الجريمة”، يُرجع تفشي العنف داخل المجتمعات، وخاصة في المجتمع المغربي، إلى خلل في العلاقة بين الشخص ومؤسسات التنشئة الاجتماعية، مشيرا إلى أن خللا أصاب القيم والثقافة واحترام المعايير الاجتماعية المعمول بها داخل المجتمع من قوانين وضوابط وعادات وتقاليد، خاصة في ظل تعدد الوسائط التي تُنمي شخصية الفرد.

ويضيف الحمداوي في تصريح لجريدة “مدار21” أن هذا التعدد قد يؤثر في تنشئة فرد بشخصية سوية تنسجم مع معطيات عالمها وعصرها، أي ما يُسمى بتعدد الهويات وتعدد المعايير، مما قد يؤدي إلى فقدان “خط الرجعة” الذي يمكن أن يحترمه الجميع أو على الأقل يحترم الحد الأدنى منه.

ويرى الباحث في علم الاجتماع أن المقاربة القانونية لوحدها غير كافية، نظرا لما تكلفه للدولة، إذ إن ساكنة السجون التي تتجاوز الـ100 ألف، تحتاج 200 درهم للفرد بشكل يومي.

وشدد على أهمية أدوار المدرسة والتربية على حقوق الإنسان والإعلام، في زمن تطغى عليه الجوانب السلبية والتركيز على الفضائح، في غياب التكامل، داعيا إلى ضرورة وضع “برامج تسلط الضوء على الظواهر المعتدلة داخل المجتمع، والتركيز على النماذج الناجحة، إذ هناك العديد من الأشخاص الأسوياء، والذين رغم ظروفهم الاجتماعية القاسية جدا استطاعوا التغلب على هذه المشاكل وأصبح يعول عليهم داخل المجتمع، ومنهم أطباء وأساتذة وقضاة، ورياضيون.. وبالتالي يجب على الإعلام أن يعيد النظر في المواد التي يقدمها للمجتمع ويُركز على الجوانب الإيجابية”.

وبالنسبة للأسر، يؤكد “ضرورة تقوية الروابط بينها وبين أبنائها، لأنه أصبح هناك تراخٍ يجعلنا نعيش في الفردانية المتوحشة داخل المجتمع، مما يعيق الأسر في أداء أدوارها كاملة لتسليم شخص سوي للمجتمع قابل للتفاعل مع مختلف معطياته بشكل إيجابي”.

ويشير إلى أن هذا الجيل “أصبح رقميا بامتياز ومرتبطا بالشاشة التي لا تُعرف المحتويات التي يستهلكها الطفل بها طيلة اليوم والليل، وبالتالي فقدان نوع من الرقابة، مما يتطلب إعادة النظر في المرشد المدرسي والأسري”.

وتحدث الحمداوي عن الألعاب التي تربي الأطفال على العنف، مما يتطلب الرقي بالرياضة إلى مستوى يُنمي الذوق، إلى جانب الفنون التي يجب أن ترقى إلى مستوى ترفع من وعي الفرد ليشعر بوطنه و”التمغرابيت” ويفتخر بانتمائه”.

وأبرز الحمداوي في السياق ذاته أن “علاقة الفرد بذاته أيضا متشنجة، كما علاقته بأفراد أسرته والشارع والمدرسة، الذي ينعكس في المجتمع، كما الأستاذة التي توفيت في مدينة أرفود على يد تلميذها، وهذا ما يسمى بـ”التشظي” والانحطاط بقيمة رموز البلاد، فنشاهد رجل سلطة يُصفع، والأستاذ يُصفع، ما يفرض ضرورة احترام المعايير المقدسة، وعدم التسامح مع من ينتهك حرمة المهن”.

وأشار الباحث ذاته في علم الاجتماع إلى ضرورة إرجاع الهيبة إلى مؤسسات الدولة الاجتماعية والثقافية، ووقايتها من العنف، وتوظيف الإعلام والفنون للتحسيس عوض الرفع من قيمة “البوز” والمواضيع المنحطة.

واقترح برمجة برامج في القنوات التلفزيونية التي يستهلكها عموم المواطنين، وتكون متعلقة بالتربية والأسرة.

إقرأ الخبر من مصدره

مقالات ذات صلة