محمد اليوبي
يعرف المنتجع السياحي “سيدي احرازم” بضواحي مدينة فاس فوضى عارمة في ظل غياب المراقبة من طرف الجهات المختصة، حيث يشتكي زوار المنتجع من الابتزاز الذي يتعرضون له من طرف أشخاص غرباء يفرضون “إتاوات” مقابل الحصول على المياه المعدنية أو الجلوس في الحدائق العمومية.
50 درهما لافتراش الأرض
يعمد هؤلاء الأشخاص إلى الاستحواذ على الحدائق واحتلالها بالأفرشة والحصائر البلاستيكية بطريقة غير قانونية، ويفرضون على الزوار كراء أماكن الجلوس مقابل مبالغ محددة في 50 درهما، ويتعرض الزوار للمضايقات في حالة رفضهم أداء المبالغ المالية، ولم يسلم منبع المياه المعدنية بدوره من “البلطجة”، حيث يتم فرض مبالغ مالية على الراغبين في شرب الماء، دون أن تستفيد الجماعة من هذه المداخيل التي تستخلص من جيوب الزوار بطرق غير قانونية.
ورصد تقرير صادر عن المجلس الجهوي للحسابات بجهة فاس مكناس مجموعة من الاختلالات بهذا المنتج السياحي، حيث تبين من خلال المعاينات الميدانية التي قامت بها قضاة المجلس بتاريخ 22 ماي و 04 يونيو 2023 أن عددا كبيرا من الأشخاص يحتلون الملك العمومي بمقربة من المشربة الأولى والثانية وكذلك مختلف المساحات الخضراء الموجودة بمنتجع “سيدي احرازم” دون أن يكونوا مرخصين بذلك من طرف الجماعة منهم من يستغل هذه الفضاءات لعرض وبيع المنتوجات التقليدية والمواد الغذائية والمشروبات ومنهم من يستغلها عن طريق كراء أماكن للجلوس لزوار المنتجع مقابل مبلغ يتراوح بين 20 و 40 درهما مما يعرقل مرور الزوار بشكل انسيابي.
كما لاحظ قضاة المجلس أن البعض منهم يهيئ أماكن على شكل غرف يتم كراؤها لمرتادي المرفق مقابل مبلغ 40 درهما والبعض الآخر سيطر على صنابير المشربتين الأولى والثانية، حيث يفرض على الزوار أداء مبالغ مالية مقابل الحصول على مياه الشرب، كما أن المراحيض ومواقف السيارات يتم استغلالها من طرف بعض الأشخاص وتحصيل مبالغ مالية من مرتاديها لفائدتهم بدون موجب قانوني.
الجماعة تتفرج على احتلال الملك العمومي
أبرز تقرير المجلس أنه رغم احتلال الملك العمومي وتغيير معالم المنتجع، فإن الجماعة لم تقم بأي إجراء لوضع حد لظاهرة احتلال الملك العمومي الجماعي، مما يخالف المقتضيات القانونية، وفي نفس الإطار، لوحظ أن مجلس الجماعة لا يولي العناية اللازمة لإنهاء حالات الاحتلال غير القانوني للملك العام الجماعي، إذ أنه خلال الدورة العادية لشهر ماي من سنة 2023، رفض بإجماع الأصوات المعبر عنها المصادقة على نقطتين تتعلق الأولى بتحديد الثمن الافتتاحي لبيع متلاشيات الإطارات الحديدية للأكشاك التي تعرضت للحريق بالمشربة الأولى والتي كانت تؤوي جل محتلي الملك العمومي الجماعي والثانية تتعلق بالمصادقة على بيع هاته المتلاشيات.
وأشار التقرير إلى أن الجماعة تتوفر ضمن ممتلكاتها على حديقة للترفيه قامت بكرائها لمدة 9 سنوات قابلة للتجديد بناء على طلب عروض وبموجب عقد إيجار تمت المصادقة عليه بتاريخ 24 أكتوبر 2014، الشركة مقابل مبلغ سنوي قدره 400.500,00 درهم وإنجاز استثمارات بغلاف مالي قدره 13.346.000,00 درهم حسب بنود دفتر الشروط والتحملات، واستنادا إلى العرض التقني، التزم المكتري بإنجاز استثمارات تبلغ 14.317.500.00 درهم من أجل إحداث تجهيزات تؤول ملكيتها إلى الجماعة عند نهاية العقد، إلا أن المكتري قام بالشروع في إنجاز أشغال بعض التجهيزات قبل حصوله على رخصة البناء ودون احترام دفتر الشروط والتحملات والالتزامات المضمنة بعرضه التقني وكذا التصاميم المدلى بها ضمن ملف طلب رخصة البناء، مما ترتب عنه ضبط مجموعة من المخالفات في حقه صدرت بشأنها ثلاثة أوامر بالهدم من طرف عامل عمالة فاس، كما صدر حكم قضائي نهائي قضى بمؤاخذة المكتري من أجل تشييد مسبح للأطفال بدون رخصة والحكم عليه بغرامة نافذة قدرها 20.000 درهم وتحميله الصائر وهدمه البناء موضوع المخالفة وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه على نفقته.
وأكد التقرير أن السلطة المحلية أصدرت ثلاثة أوامر بالهدم دون أن يتم تنفيذها، على الرغم من أن الأمر يتعلق ببناءات أقيمت فوق أملاك عمومية دون ترخيص، وعلى الرغم من أن الأمر يتعلق كذلك بتجهيزات يرتادها العموم تستوجب احترام معايير الصلابة والمتانة المعمول بها لضمان سلامة المرتفقين، عبر إنجاز تصاميم ذات الصلة من طرف أهل الخبرة والفن والحصول على مصادقة اللجان المختصة قبل الشروع في تنفيذها.
أوامر بالهدم تنتظر التنفيذ
سجل تقرير المجلس الجهوي للحسابات بهذا الخصوص عدم مبادرة الجماعة، باعتبارها صاحبة الملك وصاحبة الاختصاص في تدبير هذا المرفق، إلى السعي نحو اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ أوامر الهدم المذكورة عبر تقديم الملتمسات ذات الصلة إلى الأطراف المختصة في تنفيذ هذه الأوامر، لم يقم رئيس مجلس الجماعة بتوجيه محاضر المخالفات المسجلة قبل تاريخ 19 شتنبر 2016 ضد مكتري حديقة الترفيه الجماعية إلى وكيل الملك، ذلك أن مجموعة من المحاضر سجلت من طرف موظفي الجماعة المكلفين بمراقبة البناء ومختلف اللجان المختلطة التي قامت بمعاينة الأشغال المنجزة من طرف المكتري، دون أن يتم الإدلاء بما يفيد توجيهها إلى النيابة العامة، باستثناء محضر واحد صدر بشأنه حكم قضائي، من طرف رئيس الجماعة، في مخالفة لأحكام المادة 66 من القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير التي تلزم رئيس الجماعة بإيداع شكوى لدى وكيل الملك المختص ليتولى متابعة المخالف، ويحاط الوالي أو العامل علما بذلك، كما أن الجماعة لم تقم بتتبع مال المحضر الوحيد الذي أحيل على النيابة العامة ولم تسهر على إجراءات التبليغ.
وتبين من خلال الاطلاع على محضر لجنة تتبع تنفيذ الأشغال عدد 483 بتاريخ 2019/06/12 التي عاينت المخالفات المرتكبة من طرف مكتري حديقة الترفيه وكذا ملف الرخص المضمنة بأرشيف شساعة المداخيل، أن الجماعة قامت بتسليم رخصتي إصلاح للمستأجر المخالف، تهم تجهيزات أقيمت دون رخص البناء، الأولى تحمل عدد 2018/2 بتاريخ 2018/04/18 والثانية مسجلة تحت عدد 2019/24 بتاريخ 24 أبريل 2019 ، تجيزان القيام بإصلاحات وترميمات داخل حديقة الترفيه الجماعية.
إضافة إلى ذلك، لاحظ قضاة المجلس الجهوي للحسابات، غياب الرخصة رقم 2019/24 من الملفات الممسوكة من طرف مصلحة التعمير وكذلك تغيير تدليسي لمراجع الرخص المضمنة بسجل رخص الإصلاح وعدم انسجام مراجعها مع تلك الممسوكة من طرف شساعة المداخيل، كما تبين خلال المعاينة الميدانية لحديقة الترفيه الجماعية، أن هذه الأخيرة تتوفر على مجموعة عدادات كهربائية دون أن تدلي الجماعة بمراجع ونسخ الرخص التي مكنت المكتري من ربط البنايات المنجزة بشبكة الكهرباء، وقد تبين من خلال الاطلاع على وثائق الملف أن الجماعة أعدت قرارا لرئيسها بتاريخ 11 غشت 2017، حول مطالبة المستأجر بأداء الواجبات المترتبة بذمته وإخباره بفسخ عقد الإيجار المبرم بينه وبين الجماعة، إلا أن هذا القرار لم يتم تسجيله (غير مرقم) ولا يوجد ما يفيد تبليغه إلى المعني بالأمر والسلطات المحلية ويتضمن توقيعا لرئيس الجماعة تم التشطيب عليه بالمداد الأزرق.