أخر المستجدات

الأكثر قراءة

الرئيسيةفن و ثقافةمعرض يخلد الذكرى الستين لرحيل العالم المغربي محمد المختار السوسي

معرض يخلد الذكرى الستين لرحيل العالم المغربي محمد المختار السوسي


هسبريس – وائل بورشاشن

أزيد من ستين سنة طُويت على وفاة العالم والأديب والمؤرخ المغربي محمد المختار السوسي، تتذكّر بمناسبتها مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية بالدار البيضاء مؤلفات العلَم المقاوم للاحتلال الأجنبي بمختلف طبعاتها، وما كتب حولها بلغات متعددة.

وفضلا على عرض كتب المختار السوسي في التأريخ للأدب العربي والأمازيغي “الشِّلحيّ” بسوس، وتاريخ الفقه، والعادات، والتعليم، والجغرافيا، وذكريات المنفى الإجباري ثم السجن زمن الاحتلال الأجنبي، يقدّم المعرض، عبر موقع المؤسسة العارضة، جردا بيبليوغرافيا شاملا لما كتبه المختار السوسي بالعربية وما دوّنه بالأمازيغية وما تُرجم من ذلك، وما حَقّقه العالم، ومقالاته، وما ما دُبّج من مؤلّفات ودراسات حول كتابته وفكره ومساره باللغات العربية والألمانية والفرنسية والإسبانية.

وفي دليل المعرض الذي أعده محمد القادري، قالت المؤسسة المنظمة إنها تحتفي بـ”ذكرى رائد الوطنية المغربية، والحافظ لتراث سوس الأنثربولوجي والتاريخي”، مردفا أن “محمد المختار السوسي عَلَمٌ بارز من أعلام الثقافة المغربية في القرن العشرين. نشأ في كنف أسرة أمازيغية اللسان، ذات تقاليد راسخة في التصوف والمعرفة العربية”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;}

وتابع: “تَيَتَّمَ صغيرا، فتَوَلَّت تعليمَه والدتُه، سليلةُ أسرة علمية عريقة، فحفظ القرآن. وتَعَلَّمَ بمدارس سوس العتيقة العربيةَ وأدبها والعلوم الدينية. كما انفتح بشغف ذاتي على كتب الأدب العربي والتاريخ، ففي العاشرة من عمره قرأ “ألف ليلة وليلة”، وانجذب إلى عوالمها الحكائية العجيبة، ومجتمعاتها المدينية الراقية. كانت معارفه التي تلقاها في البادية السوسية كافية لتؤهله ليجاري مسار أبناء الحواضر بمراكش وفاس والرباط، التي عُرفتْ آنذاك بتمركز التعليم العالي التقليدي”.

ثم “اعْتُبرت فترة التحاقه بتلك الحواضر (1918-1929) فترة مفصلية في تشكيل “ثقافته الجديدة” على هدي “السلفية الوطنية” التي أكسبته نفورا من شوائب الطرقية الموروثة، ونزوعا إصلاحيا وطنيا، فشارك في تأسيس أولى الجمعيات السياسية السرية (فاس، 1926)، وجمعيات خيرية ومدارس حرة بمراكش (1929-1936)”، وهي حيويّة وطنية “استفزت (…) أنظار سلطات الحماية الفرنسية، التي نفته إلى بلدته إلغ لمدة تسع سنوات (1937-1945)، لم يغادر خلالها قريته، إلا في سنة 1941 حين سُمِحَ له بالتجول فقط في سوس”.

وبعد انتهاء فترة النفي، عاد المختار السوسي إلى مراكش سنة 1945، ومنها انتقل إلى الدار البيضاء سنة 1951 التي استقر بها إلى أن اعتقلته السلطات الفرنسية مجددا بين سنتي 1952 و1954.

المختار السوسي الذي عُيّن بعيد الاستقلال في مناصب وزارية مختلفة إلى أن وافته المنية في 17 نونبر 1963، كان منفاه الإلغي بين 1937 و1945 فترة “انطلاق في حركة التأليف”، مدفوعا بـ”وعي حاد” بأن “التحول من حال إلى حال” هو من “طبائع الأيام”، وأن هذا التحول الجاري في كل أنحاء المغرب زمن الحمايتين الفرنسية والإسبانية، “سيجرف كل الميراث الثقافي الذي “اخترعه” المغاربة عبر التاريخ، للتكيف مع ضرورات العيش وإكراهات الطبيعة. فكان واجب المؤرخ، في نظره، هو الانكباب على توثيق ميراث “باديته أو حاضرته” من “نواح شتى سياسيا وعلميا وأدبيا واجتماعيا”، بما في ذلك أعرافها وعاداتها وأمثالها وحكاياتها وحتى “خرافاتها”.

هكذا، يتابع دليل المعرض: “كان السوسي يسابق الزمن، وهو يتنقل في مختلف أنحاء سوس، ملتقطا بحس إثنوغرافي عفوي تفاصيل المحيط الطبيعي لسوس، وأنماط الحياة الثقافية والدينية والاجتماعية فيها. فحَوَّلَ تحرياته الميدانية ومعايناته المباشرة وروايات شفوية إلى نصوص، ذَكَرَ أنها تجاوزت الخمسين جزءا، أهمها موسوعته المعسول وغيرها”.

وذكر المصدر ذاته: “قد نَعُدُّ هذه الغزارة في الكتابة ظاهرة ثقافية غير مسبوقة في التأليف المغربي، علما أن ما طبع من مؤلفاته في حياته وبعد مماته أقل مما بقي في عِداد المخطوط”، ثم أردف قائلا: “لم ينفرد السوسي باختيار بيئته المحلية موضوعا للكتابة، فقد كان ذلك اختيارا موضوعيا لجيل من المثقفين المغاربة: مؤرخين وروائيين وقصاصين، كما بين ذلك عبد الأحد السبتي في بحثه ‘كتابة التاريخ في مغرب الحماية’، ومصطفى يعلى في أطروحته ‘ظاهرة المحلية في السرد المغربي’، فـ’المحلية’ في الكتابة كانت ظاهرة ثقافية وَسَمَتْ الثقافة المغربية في أوج تحولاتها الحديثة”.

كما وضّح معرض المنشورات أن المختار السوسي بثقافته التاريخية والأدبية قد اهتدى إلى “اختيار نمطين للكتابة: الترجمة (البيوغرافيا) والرحلة، صاغ من خلالهما جل مؤلفاته”، إلا أن طريقته في الكتابة أضفت عليهما “حرارة متميزة”، بما ضمّنهما من “أحاسيس وتصورات”، بأسلوبٍ مفعم بمذاقات الأدب والتصوف والكتابة الصحافية، وهذا ما جعل نصوصه “نموذجا غير مسبوق ليس في كتابة ‘التاريخ صناعة وعلما’، بل في أن ‘تنقل الزمان فنا وانفعالا’ حسب عبارة المؤرخ أحمد التوفيق”.

إقرأ الخبر من مصدره

مقالات ذات صلة