أخر المستجدات

الأكثر قراءة

الرئيسيةسياسةثروة مهدورة 

ثروة مهدورة 

قوة أي دولة في العالم تتمثل في شبابها الذي يحمل مشعل المستقبل، والمغرب يتوفر على كنوز ثمينة يجهل المسؤولون أهمية الاستثمار فيها، تتعلق بفئة الشباب والقاصرين الذين يوجدون خارج الإدماج الاقتصادي، ويواجهون أمواج اليأس العاتية التي تأتي من بحار البطالة، والهدر المدرسي، والتفكك الأسري، والفقر والجهل، ومشاكل الهجرة القروية والاستقرار بهوامش المدن والأحياء العشوائية، التي أصبحت تشكل نقطا سوداء لتفريخ الجريمة والتطرف، وانتشار فيروس الهجرة غير الشرعية كسبيل وحيد للنجاة من جحيم الواقع.

إننا أمام واقع مر لا يمكن لأحد إنكاره أو القفز عليه سياسيا، لأنه يتعلق بملايين الشباب والقاصرين الذين يعيشون التيه والضياع وفقدان البوصلة بالنسبة إلى مستقبل العمل والتكوين والتعليم، وتحقيق جزء من الأحلام، وضمان الاستقرار النفسي وتقدير الذات، ما يتطلب من القطاعات الحكومية التحرك بشكل مستعجل، لوضع برامج خاصة بتكوين هذه الفئة ومواكبتها عن قرب والإنصات لهمومها وانشغالاتها، قصد التوصل إلى حلول ناجعة في التوجيه، وصقل المواهب، وتصحيح المفاهيم والتوعية والتحسيس بطرق حديثة.

يجب الإسراع ببرمجة حملات لإحصاء الشباب والقاصرين الذين يوجدون خارج التعليم والتكوين، بتنسيق مع كافة الجهات المعنية، وتشكيل قاعدة معلومات وفق المستجدات وتحيين المعطيات، كي يفتح بعدها المجال مباشرة أمام استكمال المشوار الدراسي، أو التكوين في مهن متعددة وفق الجودة المطلوبة، أو المساعدة على الخروج من دائرة الإدمان بأنواعه، أو معالجة المشاكل الاجتماعية للتفكك الأسري وما شابه ذلك.

علينا أن نفتح أعين شبابنا على أن مستقبلهم بين أيديهم وهم ثروة البلاد الحقيقية، ونعيد تكوينهم وتصحيح المفاهيم المغلوطة التي تقدم إليهم بطبق الحلول السهلة في الهجرة غير الشرعية، كما يجب أن نمنحهم جرعات أمل حقيقية في محاربة الفساد والتنمية الملموسة، قادرة على شفائهم من ترسبات أمراض اليأس ورسم صورة سوداء للمستقبل الذي لن يكون في كل الأحوال زاهرا بدون علم وعمل بأي مكان بهذا العالم، الذي لا يتكلم في هذا العصر سوى لغة المصالح ولا شيء غيرها.

نحن في حاجة إلى قرارات جريئة من قبل المؤسسات المعنية، وعلاج بالصدمات التي تفوح منها رائحة الوطنية العالية ونكران الذات، والمساهمة كل من مسؤوليته لإعادة الأمل إلى شبابنا وتجديد ربطه بعقيدته وتاريخه ووطنه، ما يخلق منه سواعد تواصل البناء والتنمية وتحقق أهداف العيش الكريم، وفق ما ينص عليه دستور المملكة.

هناك فجوة حقيقية بين فئة الشباب والأحزاب السياسية وعدد من المؤسسات الرسمية وجب تداركها بتذويب التفاوت في طريقة التفكير والتطور في التواصل الاجتماعي، وضرورة استخدام العلم والمعرفة والتحليل النفسي، قصد إنقاذ الشباب من براثن الشائعات والاستغلال عن بعد لخدمة أجندات خاصة، مع تحسين شروط التواصل الناجح والتمكن من إدماج الفئات الشابة لتصبح منتجة، وتكتسب بذلك ثقتها في نفسها كأغلى وأثمن كنز يمثل مستقبل وطن.

إقرأ الخبر من مصدره

مقالات ذات صلة