أخر المستجدات

الأكثر قراءة

الرئيسيةفن و ثقافةأدوار المرأة القروية بنواحي تطوان في المقاومة المسلحة

أدوار المرأة القروية بنواحي تطوان في المقاومة المسلحة

أدوار المرأة القروية بنواحي تطوان في المقاومة المسلحة قبل عام 1927

قاومت المرأة بتطوان والنواحي الاحتلال الاسباني من خلال انخراطها الفعال في مختلف أشكال المقاومة أسوة بسائر المغربيات ففي مطلع القرن العشرين، عندما بدأت أطماع الاستعمار الأجنبي تمتد إلى قبائل ومدن المغرب اتخذ الدفاع عن الوطن مسارا آخر تجلى في حركة المقاومة التي هي ترجمة عملية في الميدان للشعور الوطني، وقد شاركت فيها المرأة بكل الوسائل المتاحة لها».

وقد أورد المؤرخ محمد ابن عزوز حكيم في كتابه المشار إليه سابقا عدة شهادات للمحتلين؛ عسكريين ،وصحفيين حول المشاركة الفاعلة للمرأة الشمالية في مقاومة الاستعمار، والحق ما شهدت به الأعداء كما قال وفي هذا الإطار نقل شهادة الجينرال الاسباني إيميليو مولا الذي شارك في كثير من المعارك من سنة 1921 إلى سنة 1927، حيث قال: “عدونا الشرس في هذه الحرب ليس هو الرجل، بل هي المرأة التي تتحمل عبء المقاومة؛ لأنه بالإضافة إلى واجباتها المعتادة داخل المنزل هي التي تتكلف بالأعمال اللوجيستية في مؤخرة المعركة، حيث تحث الرجل على الصمود، وتبث فيه روح القتال، وعندما يصيبه وهن أو ملل فإن احتقارها له ليس له حدود؛ حيث تعامله في السر والعلانية معاملة لا يمكن لأي بشر له كرامة أن يتحملها».

وسوف أختار بعض الشهادات الأخرى الواردة في هذا الكتاب؛ خاصة تلك التي تناولت مقاومة المرأة بنواحي تطوان والتي يتبين من خلالها الأدوار التي قامت بها في مقاومة الاستعمار؛ حيث نجد:

أولا – تموين الجند:

على إثر سقوط مدينة تطاون بيد الجيش الاسباني يوم 12 ربيع الأول 1331 (19) فبراير 1913). قام زعماء القبائل الهبطية والجبلية والغمارية بتأسيس رباط للجهاد بمدشر دار بن قريش بقبيلة بني حزمار، وذلك للحيلولة دون تمكن الجيش الغازي من انتشاره بضواحي تطوان.

ويقول رئيس المخابرات التابعة للإقامة الاسبانية بتطوان في بطاقة له بتاريخ 30 ربيع الأول 1331 (19) فبراير (1913) إن قيادة الرباط كلفت جماعة من نساء المداشر المجاورة بتموين المحلة المرابطة».

ثانيا – مساعدة الثوار ومعالجة الجرحى ونقل جثث القتلى

يقول المراسل الاسباني مانويل صوطو في مراسلة له إلى جريدته يوم 17 ربيع الثاني 1340 (18) دجمبر (1921) إن الجنرال كاسطير و خيرونا لم يسمح لنا نحن الصحفيين بالبقاء في المكان الاستراتيجي الذي اخترناه لمشاهدة المعركة التي جرت اليوم بافرنو من قبيلة بني عروس، الأمر الذي جعلنا نختار قمة هضبة قريبة من هناك، حيث تمكنا من المشاهدة بواسطة نظارة مقربة ليس فقط مجريات المعركة، بل كيف كانت النساء تساعد الثوار وتعالج الجرحى وتنقل جثث القتلى».

ثالثا – التحريض على الجهاد وتشجيع المقاومين على الصمود والتزويد بالطعام والشراب:

نقل الأستاذ محمد ابن عزوز حكيم شهادة الجنرال كباث نائب الأمور الوطنية بالإقامة الإسبانية بتطاون: على عكس ما يظنه أغلبية الناس فإن المرأة المغربية كانت تقوم بدور مهم في المقاومة التي واجهت تدخلنا العسكري في المنطقة، حيث إن المرأة هي التي كانت تحرض الرجل على القتال وعند خروج المجاهدين من القرية كانت تودعهم

بأغاني حماسية مصحوبة بالضرب على البنادير والزغاريد، ومثل ذلك كانت تفعله عند عودتهم من جبهة القتال، وكانت المرأة المسنة هي التي تحمل الطعام والشراب إلى المجاهدين من القرية القريبة من جبهة القتال، كما أنها كانت تتولى إسعاف الجرحى في أرض المعركة ونقل جثث الموتى.

وويل للرجل الذي كان يتقاعس عن الذهاب إلى «الجهاد»، حيث كانت المرأة له بالمرصاد، فسواء تعلق الأمر بزوجها أو بغير زوجها، فكانت تلبسه لباس النساء وتنكل به وتسبه وتنتف لحيته وتحرمه من الطعام والشراب لمدة يومين أو ثلاثة».

رابعا – القيام بالأعمال الفلاحية التي يقوم بها الرجل:

في شهادة الجنرال كباث نائب الأمور الوطنية بالإقامة الاسبانية بتطاون نجد أيضا: «المرأة المتزوجة كانت تنوب عن زوجها فتقوم مقامه بالأعمال المنوطة به أيام السلم، حيث كانت تتولى حرث الأرض، وحصد الغلة ودرسها وما إلى ذلك من الأعمال التي لا يمكن للرجل أن يقوم بها وهو يجاهد في سبيل الله ».

خامسا – رفض تسليم السلاح وإخفاؤه:

يقول الكولونيل خوسي أكليسياس رئيس فرقة المخزنية المسلحة في تقرير حول نزع سلاح المقاومة بتاريخ 7 جمادى الأولى 3001349 شتنبر 1930) ما يلي:

عندما كنا نقوم بعملية نزع السلاح من الثوار سنة 1346 (1927) كنا على يقين بأننا سوف لن نحصل على جميع السلاح الذي كان بحوزتهم، خصوصا عندما علمنا بأن النساء هن اللواتي قمن بإخفاء الأسلحة بمخابئ داخل الغابات حيث يتعذر علينا العثور عليها ).

سادسا – رفض الاستسلام والخضوع للجيش الغازي:

ذكر محمد ابن عزوز حكيم لم يمر سوى يوم واحد على الإعلان على انتهاء المقاومة المسلحة في شمال المغرب حتى برهنت المرأة المغربية عن عدم استسلامها للأمر الواقع، حيث نجد في التقرير الذي أعده مراقب قبيلة بني عروس يوم 12 محرم 1346 (12 يوليوز 1927) ما يلي: «عندما كانت دورية الشرطة العسكرية الأهلية تقوم بنزع السلاح من سكان قرية السكان يوم أمس، وقعت حادثة مؤلمة ذهب ضحيتها الضابط خوسي فالديفيا، الذي أطلقت عليه نار بندقيتها امرأة قيل إنها أخت رئيس الثوار المسمى احميد الخراز الذي لقي حتفه في إحدى المعارك التي جرت سنة 1922 بين قواتنا ورجال الشريف الريسوني. وقد تمكنت المرأة المذكورة من الفرار واللجوء إلى ضريح القطب مولاي عبد السلام بن مشيش حيث لم نتمكن من إلقاء القبض عليها.

ويتعلق الأمر بأخت البطل سيدي محمد الخراز المعروف بولد احميدو السكان الذي كان خليفة لرئيس المقاومة المسلحة في الشمال الغربي من المملكة مولاي أحمد الريسوني وقد استشهد في معركة السلالم بقبيلة بني عروس يوم 10 رمضان 1340 (7 مايو (1922). والكل يعلم أن المرأة المذكورة ظلت داخل الحرم المشيشي إلى أن وافتها المنية رحمها الله سنة 1947).

هذه الأعمال البطولية، جعلت العدو ينحني لها بإعجاب، وأولى بالمسؤولين المغاربة أن يعترفوا بها، ويقيموا نصبا تذكاريا يذكر الأجيال بـ المرأة المجاهدة المجهولة»، كما دعا إلى ذلك المؤرخ محمد ابن عزوز حكيم: كان ضباط الجيش الاسباني الغازي لشمال المملكة والصحفيون المرافقون لهم من سنة 1909 إلى سنة 1927 يصفون بإعجاب وتقدير كيف كانت المرأة تؤدي مهمتها اللوجيستية خلف الرجل في ميدان القتال؛ بنشاط بالغ وحماس منقطع النظير.

ومن المؤسف أنه لم يكن في وسع الأجانب الاسبان الإدلاء بأسماء النساء المجاهدات إلا نادرا؛ الأمر الذي يجعلني أقترح على من يهمهم الأمر في بلادنا؛ إقامة نصب على غرار نصب الجندي المجهول يذكر الأجيال بالمرأة المجاهدة المجهولة».

عنوان الكتاب: المرأة التطوانية وإسهامها في البناء الحضاري والمعرفي

الكاتب: كتاب جماعي

الناشر: مركز فاطمة الفهرية للأبحاث والدراسات (مفاد)

بريس تطوان

يتبع…

إقرأ الخبر من مصدره

مقالات ذات صلة