أخر المستجدات

الأكثر قراءة

الرئيسيةفن و ثقافةأشرف على نشره وهبي.. كتاب جديد يستعرض تاريخ الجامع الكبير بتارودانت

أشرف على نشره وهبي.. كتاب جديد يستعرض تاريخ الجامع الكبير بتارودانت

محمد الصديقي

صدر حديثاً كتاب بعنوان “الجامع الكبير بتارودانت.. انبعاث صرح حضاري”، من تأليف الكاتب نور الدين صادق، يتناول جامع تارودانت الكبير كمعلم حضاري وتاريخي وديني بارز في مدينة تارودانت، مستعرضاً مختلف الجوانب العمرانية والتاريخية والثقافية لهذا الصرح.

ويقع الكتاب في 245 صفحة، ويشمل كلمة قدم فيها الناشر عبد اللطيف وهبي شكر أهل تارودانت للملك محمد السادس على تكفله بإعادة بناء الجامع الكبير، مسلطاً الضوء على أهمية هذا القرار في حفظ الذاكرة التاريخية لهذا المعلم الديني الهام.

ويقدم الكتاب مقدمة شاملة عن تاريخ الجامع الكبير، مشيراً إلى تأسيسه وتوسيعه عبر القرون، لا سيما على يد الشرفاء السعديين الذين اهتموا بتجديده وتوسيعه. يتناول المؤلف التخطيط العمراني والخصائص المعمارية الفريدة للجامع، مستعرضاً أدواره المتعددة في التعليم من خلال مدرسة الجامع الكبير وخزانة الكتب التي كانت تضمها.

ومن بين المواضيع الرئيسية التي يغطيها الكتاب: تأسيس الجامع الكبير وتطوره عبر العصور، ودور الشرفاء السعديين في تجديده وتوسيعه ليصبح من أبرز المعالم في المنطقة. كما يناقش الكتاب دور الجامع الكبير كمركز للتعليم وتدريس علوم الدين واللغة العربية والرياضيات والفلك، مع استعراض زيارات السلاطين والأمراء له وتأثيرها في دعمه وإصلاحه.

ويتطرق الكتاب أيضاً إلى الأحداث المؤلمة التي شهدها الجامع، مثل الثلاثاء الأسود في مايو 2013، حيث تعرض لحريق مدمر شكّل فاجعة لأبناء تارودانت والمنطقة، محولاً هذا الصرح الحضاري إلى ركام. لكن الأمل تجدد مع الثلاثاء الميمون، حينما أعلن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية عن تكفل جلالة الملك محمد السادس بترميم وإعادة بناء الجامع من ماله الخاص، ما أعاد الحياة لهذا المعلم التاريخي.

ويُعد الجامع الكبير رمزاً تاريخياً ودينياً ذا تأثير ممتد عبر الأجيال، حيث أُعيد بناؤه بتوجيهات الملك مع الحفاظ على أصالته المعمارية والتاريخية. ومن خلال هذا الكتاب، يوثق المؤلف نور الدين صادق المراحل التاريخية التي مر بها الجامع منذ تأسيسه في القرن السادس عشر إلى العصر الحديث، مسلطاً الضوء على أدواره المتعددة في الحياة الاجتماعية والدينية والعلمية.

ويشكل الكتاب إضافة قيمة للمكتبة المغربية والعربية، لإبرازه جوانب مهمة من تاريخ المغرب الديني والثقافي، ويعكس الدور الريادي للمعالم الدينية في تشكيل الهوية الثقافية والحضارية للبلاد.

يشير الكتاب إلى أن مدينة تارودانت نفسها كانت في حالة خراب قبل أن تأتي جهود السلطان أبا عبد الله محمد الشيخ المهدي لإعادة إحياء المدينة والجامع الكبير كجزء من هذه النهضة. وكانت هذه الجهود تهدف إلى ترسيخ قوة السعديين وتأسيس قواعد دولتهم عبر تجديد المعالم الحضارية الكبرى مثل الجامع.

ويبرز أن السلطان محمد الشيخ لم يكتفِ بمجرد تجديد الجامع، بل حرص على تحسين البنية التحتية العامة لمدينة تارودانت، وتحويلها إلى مركز سياسي وعلمي رئيسي. فقد أمر ببناء مدارس ومرافق عامة، وأعطى أهمية كبيرة لجذب العلماء والمدرسين للجامع. وقد تم اقتطاع الأراضي وإعطاء الهبات لتشجيع السكان على البناء والتوسع، مما ساهم في تطوير النشاط العلمي والثقافي بالمدينة.

وفيما يتعلق بالتصميم المعماري، يشير المؤلف إلى أن الجامع الكبير يتميز باتجاه محرف قليلاً عن القبلة، وهو أمر فريد يرتبط بعدة تفسيرات تاريخية. بعض الباحثين يرون أن هذا الانحراف يعكس تأثيرات تقاليد هندسية قديمة في المنطقة، في حين يرى آخرون أنه دليل على أصالة الجامع وعراقته، مما يجعله أحد المعالم الدينية الأكثر تأثيراً في جنوب المغرب.

كما يتطرق إلى تفصيلات معمارية دقيقة، مثل استخدام الزليج البلدي لتزيين المسجد والمآذن، والزخارف التي تُظهر مهارة الحرفيين في تلك الحقبة. هذه العناصر المعمارية، جنباً إلى جنب مع المساحات الخضراء المحيطة بالجامع، كانت تضفي عليه جواً من الهدوء الروحي والعمراني. وحتى بعد الحريق الذي دمر أجزاء كبيرة منه في عام 2013، كانت جهود الملك محمد السادس في إعادة بنائه مناسبة لإحياء هذا التراث الحضاري.

إلى جانب الجوانب التاريخية والمعمارية، يركز الكتاب على تأثير الجامع في الحياة الاجتماعية والدينية للسكان، إذ كان مركزاً ليس فقط للصلاة ولكن أيضاً للتعليم والنقاشات العلمية.

إقرأ الخبر من مصدره

مقالات ذات صلة