أخر المستجدات

الأكثر قراءة

الرئيسيةحواراتاليزيدي: ألمانيا تنظر باحترام للتدين المغربي ولا نتلقى أي دعم مالي من...

اليزيدي: ألمانيا تنظر باحترام للتدين المغربي ولا نتلقى أي دعم مالي من الحكومة المغربية (حوار)

جمال أمدوري

قال رئيس المجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا، عبد الصمد اليزيدي، إن النموذج المغربي في التدين يحظى بالاحترام والتقدير في الأوساط الألمانية، غير أن حضوره لا يزال محتشما داعيا إلى تعزيز هذا الحضور ليفرض نفسه، حيث يعتبر نموذجا يحتذى به ويدعو للاعتزاز.

وفي حوار مع جريدة “العمق”، أشار اليزيدي، وهو من أصل مغربي، إلى أنه على الرغم من وجود تواصل من خلال المشاركة في بعض الملتقيات والمؤتمرات، إلا أن المجلس لا يتلقى أي دعم مادي مباشر من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في المغرب.

فيما يلي الحوار الكامل:

  • كيف تأسس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، وما هي أهدافه الرئيسية والأنشطة التي يضطلع بها في خدمة المجتمع المسلم وتعزيز التعايش في ألمانيا؟

تأسس المجلس الأعلى للمسلمين في عام 1987 بمساهمة كبار مسؤولي المساجد الموجودة آنذاك، إلى جانب مؤسسات أخرى للمسلمين الألمان. الهدف الأساسي من تأسيسه هو الاستجابة لدور الطوائف الدينية الذي يقره الدستور الألماني. هذا الدور يشمل عدة مجالات، مثل المصادقة على مقررات المدارس العامة والإشراف على الكراسي الدراسية للدراسات الدينية في الجامعات، بالإضافة إلى كونه مخاطبًا للحكومة في كل ما يتعلق بالشأن الديني الإسلامي.

ويمكن تلخيص مهام المجلس في ثلاثة جوانب رئيسية: تمثيل المسلمين أمام السلطات والإعلام والمجتمع، تأطير المسلمين من خلال الهيئة العلمية التابعة للمجلس في مواضيع مثل النوازل الفقهية والإرشاد الأسري وإصلاح ذات البين، وأخيرا التنسيق بين المساجد والمراكز الإسلامية المختلفة للاستفادة من تجارب بعضها البعض.

أما بخصوص أنشطة المجلس فهي متنوعة وتشمل مواجهة التمييز والعنصرية ضد المسلمين، حيث تم تأسيس مؤسسات خاصة لهذا الغرض، بالإضافة إلى تعزيز الحوار بين أتباع الأديان المختلفة. كما يسعى المجلس ليكون جسراً بين وطننا ألمانيا والعالم الإسلامي.

  • كيف تصفون وضع المسلمين الحالي في ألمانيا، وما هي استراتيجياتكم في مواجهة الإسلاموفوبيا والتمييز المتزايد ضد المسلمين؟

وضع المسلمين في ألمانيا في الآونة الأخيرة شهد تراجعا ملحوظا، حيث يتعرض المسلمون لتهديدات مباشرة من قبل اليمين المتطرف، وأيضا من بعض شرائح المجتمع التي تكرر خطابات هذا اليمين. كما أن جزءا من الإعلام والأحزاب السياسية والقيادات السياسية يساهمون في تعزيز هذه التوجهات. 

نحن كمسلمين ألمان نواجه هذه التحولات من خلال الحوار والحضور الإعلامي لتصحيح المفاهيم الخاطئة، ونربي أبناءنا على المشاركة السياسية والمجتمعية بوسائل سلمية وبناءة. بالإضافة إلى ذلك، نعمل على تشكيل تحالف يضم الشرفاء من كافة الأطياف من أجل إنقاذ وطننا من خطر العنصرية. 

العنصرية لا تستهدف فقط الإسلام والمسلمين، بل تسعى للردة على القيم التي تأسست عليها ألمانيا، مثل التعايش والحريات. ولذا، نحن نسعى بكل الطرق المتاحة لتصحيح المسار، ليس فقط دفاعا عن ديننا، بل خدمة لوطننا ألمانيا.

  • برأيكم، هل تبذل الحكومة الألمانية جهودا فعّالة لمكافحة الإسلاموفوبيا؟

في الواقع، لا نرى جهودا ملموسة من الحكومة الحالية في محاربة الإسلاموفوبيا. على الرغم من أن لدينا مشاريع حقيقية وملموسة مع الحكومات السابقة، إلا أن الكراهية تجاه الإسلام والمسلمين في ألمانيا تتزايد بشكل ملحوظ.

 لقد طلبنا من الحكومة تعيين مفوض حكومي للتعامل مع ملف الإسلاموفوبيا، كما هو الحال بالنسبة لأنواع الكراهية والعنصرية الأخرى تجاه طوائف غير المسلمين، لكن لم يكن هناك أي استجابة.

نحن ننتقد الحكومة الحالية لأنها لم تقدم أي خطوات جادة في هذا المجال. على سبيل المثال، كانت هناك لجنة خبراء أصدرت تقريرا مفصلا عن واقع الإسلاموفوبيا في ألمانيا، ودقت ناقوس الخطر، وقدمت 20 توصية للحكومة. ومع ذلك، لم يتم تنفيذ أي من هذه التوصيات حتى الآن.

نحن مستاؤون من هذا الأداء، لكننا سنواصل متابعة هذا الملف، لأن الإسلاموفوبيا لا تهدد فقط المسلمين، بل تهدد القيم التي تأسست عليها ألمانيا، وتؤثر على التماسك الاجتماعي، والأمن الروحي، والتعايش السلمي.

  • ما هو موقف المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا من الحرب في غزة؟ وهل هناك ضغوط تمارسونها على الحكومة الألمانية لوقف هذه الحرب؟

المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، إلى جانب المجلس التنسيقي الذي يضم كبار المجالس الإسلامية في البلاد، يتابع بشكل مباشر التطورات الجارية في غزة. وقد أصدرنا بيانات متنوعة وقمنا بمبادرات متعددة للضغط على الحكومة الألمانية، التي نعتبرها قد اصطفّت بشكل كامل إلى جانب العدوان الإسرائيلي. نطالب الحكومة بأن تتحمل مسؤوليتها الأخلاقية، وتعمل على الضغط على إسرائيل لوقف هذه المجازر والتقتيل والتهجير الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني.

سنواصل متابعة هذه القضية بكل ما نملك من إمكانيات قانونية كمواطنين ومؤسسات إسلامية في ألمانيا، وسنستمر في حواراتنا مع القيادات الألمانية البارزة لتنبيههم إلى هذا الانحياز. كما نسلط الضوء على مواقف بعض الدول الأوروبية التي تقف ضد العدوان، ونسعى جاهدين للتأثير على الموقف الألماني ليعود إلى مسار يعتمد على القيم والأخلاق التي تدّعي الحكومة الألمانية التمسك بها دائما.

  • صرح وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في المغرب بأن النموذج المغربي في التدين يحارب في بعض الدول الأوروبية. هل تجدون أن هذا ينطبق على ألمانيا؟

لا يمكنني القول إن ألمانيا تحارب النموذج المغربي للتدين، بل على العكس، من خلال الحوارات المختلفة التي أجريتها مع مسؤولين سياسيين في ألمانيا، سواء في وزارات الخارجية أو الداخلية أو غيرها، تبين لي أن هناك نظرة احترام ورضى تجاه هذا النموذج.

 أحد الأدلة على ذلك هو الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية الألماني، فرانك شتاينماير، إلى جلالة الملك محمد السادس، أمير المؤمنين نصره الله، حيث أثنى فيها على النموذج المغربي لتكوين الأئمة والمرشدات، وكانت تلك الرسالة التي دعا فيها جلالة الملك إلى زيارة ألمانيا.

ولكن، المشكلة التي أراها هي أن النموذج المغربي للتدين حاضر بشكل محتشم في السياق الألماني، ومرد ذلك إلى أن المؤسسات التمثيلية للمغاربة في ألمانيا لا تتمتع بالحضور الإعلامي والمجتمعي الذي نتمنى أن يكون لها.

  •  ما هو رأيكم في النموذج المغربي في التدين وهل تتلقون تبرعات أو دعم من المغرب؟

في المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، تعتبر المؤسسة الألمانية أعضائها من أصول متعددة، وتتميز بتنوعها وتأكيدها على كونها مؤسسة ألمانية. أعضاؤها يرون أنفسهم مواطنين كاملي المواطنة في بلدهم ألمانيا، ويفتخرون في نفس الوقت بأصولهم ومواطنتهم في بلدانهم الأصلية. يُعد المجلس الأعلى للمسلمين من المؤسسات التي تحتضن أكبر عدد من المساجد والمؤسسات المغربية في ألمانيا.

ورغم وجود تواصل في إطار المشاركة في بعض الملتقيات والمؤتمرات، إلا أن المجلس لا يتلقى أي دعم مادي مباشر من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في المغرب. هناك احترام متبادل بين الطرفين، لكن الدعم المادي للمجلس الأعلى من أي مؤسسة مغربية غير موجود.

ونحن مقتنعون بالنموذج المغربي للتدين، لأصالته ولأنه يتميز بشهادة الجميع بالاعتدال والوسطية، ولذلك نرى بأن هذا النموذج يجب أن يكون حضوره على المستوى الأوروبي أقوى، وأن يدخل إلى الساحة ليفرض وجوده، لأنه حقاً نموذج يُقتدى به ونعتز به في المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا.

  • هل يتعرض المجلس لتدخلات من جهات خارجية، سواء كانت حكومات أو منظمات داعمة، تسعى لفرض أجندتها الخاصة؟

نهج المجلس الأعلى للمسلمين هو ربط جسور التواصل مع جميع دول العالم الإسلامي بطريقة تقوي وتعزز الصداقة بين بلدنا ألمانيا وهذه البلدان. نحاول في هذا السياق الاستفادة من التجارب المختلفة وتقديمها في وطننا ألمانيا ودعمها وتعزيزها. على سبيل المثال، قمنا بترجمة “بيان مراكش التاريخي” الذي يتحدث عن حقوق الأقليات غير المسلمة في البلدان الإسلامية، مستنداً إلى وثيقة المدينة التي أسسها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي تعد وثيقة المواطنة بامتياز. كذلك، قمنا بترجمة “وثيقة مكة المكرمة” التي تتناول مجالات مهمة مثل البيئة، حقوق الإنسان، حقوق المرأة والطفل، والتعايش من منظور إسلامي. هذه الوثائق نستفيد منها في إطار لقاءاتنا وحوار الأديان، لإظهار روح الإسلام الذي يقوم على الرحمة، كما قال الله تعالى عن الرسول: “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”.

إذن، نحن نتواصل ونتعاون مع الجميع، لكن لا نقبل بأي تدخل أو ضغط سياسي في منهجية عملنا. تعاوننا مبني على احترام الدول المختلفة وقوانينها، وبناء الجسور بين وطننا ألمانيا وهذه البلدان. من بين هذه البلدان، نسعى لتعزيز الصداقة مع المملكة المغربية، التي يرأسها ملك البلاد، أمير المؤمنين. نحن نهتم بهذا النموذج بشكل مباشر ونسعى لتقوية التعاون وتعزيز العلاقات بينه وبين وطننا ألمانيا.

إقرأ الخبر من مصدره

مقالات ذات صلة