أخر المستجدات

الأكثر قراءة

الرئيسيةحواراتحوار.. عبد الرحيم حبيب: خنقنا كارتيلات الكوكايين وسياسة المغرب الأمنية ضاعفت ثمن...

حوار.. عبد الرحيم حبيب: خنقنا كارتيلات الكوكايين وسياسة المغرب الأمنية ضاعفت ثمن “الحشيش” بأوروبا

حاوره – أحمد مدياني

في إطار استهداف المغرب من طرف كارتيلات الكوكايين بأمريكا اللاتينية، والحرب الشرسة التي صعدها ضدهم، أجرى “تيلكيل عربي” حوارا مع عبد الرحيم حبيب، رئيس قسم محاربة الجريمة عبر الوطنية بالمديرية العامة للأمن الوطني، الذي كشف الكثير من الكواليس والأرقام حول تهريب هذا المخدر، ونسبة الاستهلاك المحلي، والكمية التي تتدفق إلى البلاد في الشهر، والأساليب الجديدة التي بات ينتهجها مروجو المخدرات للتمويه، إلى غير ذلك من التفاصيل المهمة.

كما يتناول الحوار، انعكاسات تقنين المغرب لزراعة “الكيف”، وكيف سوف يؤثر تنزيل المشروع على تجار المخدرات وقبلهم المزارعين، أيضا موضوع الأقراص المخدرة والمهلوسة، والخطة التي حاصرت من خلالها مديرية الأمن بتنسيق مع باق الأجهزة، تجارة واستهلاك مخدر “البوفا”.

قربنا أكثر من كواليس تهريب مخدر الكوكايين في المغرب..

في السنوات الـ15 الأخيرة أو أكثر، أصبحنا نواجه الشبكات الإجرامية الدولية لتجارة مخدر الكوكايين، المتواجدة خصوصا في بعض بلدان أمريكا اللاتينية. واجهناها على أساس أن للمغرب موقع جغرافي يعتبر نقطة تقاطع لجميع طرق تهريب المخدرات في العالم.

وللمزيد من التوضيح، عندما نتحدث عن الهيروين، فهو يأتي من آسيا (أفغانستان كمثال)، حيث يتم تهريبه عن طريق المغرب إلى بلدان أخرى. هناك أيضا المخدرات الاصطناعية، كالإكستازي، والتي تأتي من أوروبا إلى المغرب.

ما يجب أن نعرفه هو الخصوصية التي يتمتع بها المغرب؛ وهي إنتاج القنب الهندي، مع ما يرافق ذلك من تواجد للشبكات الناشطة في هذه التجارة. ولا ننسى الواجهة الأطلسية التي تجعلنا نطل على أمريكا الجنوبية.

وكما نعرف، فإن مخدر الكوكايين يباع، بكثرة، في القارة الأوروبية والإفريقية والآسيوية. والمعطى الجغرافي للمغرب يجعلنا في مواجهة مع مجموعة من التهديدات المتعلقة بجميع أنواع المخدرات، بما فيها مخدر الكوكايين.

هناك ثلاث دول هي الأكثر إنتاجا له في العالم، ويتعلق الأمر بكولومبيا، وبوليفيا، والبيرو، والتي تهرب بضاعتها عبر عدة مسالك بحرية وجوية؛ ما جعل المغرب يعرف مشكلا كبيرا في مواجهة ذلك؛ بسبب تخطيط الكارتيلات لاستعماله كمنطقة لصفقات العبور، أو كوجهة لبيع وتصنيع المخدرات.

بناء على مجموعة من العمليات، تبين لنا أن المغرب مستهدف من طرف كارتيلات مخدر الكوكايين، على أساس القيام، سواء بعبوره، أو بتوجيهه مباشرة إلى المغرب كوجهة للاستهلاك، أو الإنتاج ثم إعادة التوزيع.

بالنسبة للاستهلاك المحلي، هل لديكم فكرة عن أرقام المستهلكين؟

لا يمكنك معرفة الرقم بالضبط. ما يمكنني قوله هو أن مخدر الكوكايين مصنف كثاني مخدر يستهلك في المغرب، وهذا المعطى يحيلنا إلى استهداف المغرب من طرف الكارتيلات كوجهة للاستهلاك.

كم تبلغ كمية الكوكايين التي تتدفق إلى المغرب في الشهر؟

الوضع في المغرب متحكم فيه من طرف السلطات، حيث يقتصر الأمر على بضع كيلوغرامات وليس أطنانا. وفي بعض الأحيان، مجرد غرامات في الشهر، وهذه نقطة مهمة. فأن يتم استغلالك لتمرير أطنان من الكوكايين إلى بلد آخر، وأنت لست بمنتج له، فهذا معناه أنك بلد يعيش في فوضى عارمة. فمن يقول التجارة في الكوكايين يقول التجارة في الأسلحة، وغير ذلك من الأمور الخطيرة.

وفي هذا السياق، أريد أن أسجل أن طريق التهريب الرئيسي للكوكايين هو الطريق البحري، سواء عن طريق القوارب، أو الحاويات التي تكون بالمئات على ظهر باخرة.

لو تحدثنا عن قسم الشرطة، فإننا حجزنا، منذ عام 2015 وإلى حدود الساعة، 12 طنا ونصف من مخدر الكوكايين، وميزتها أنها عالية التركيز، أي نسبة نقاء تتراوح ما بين 75 و95 في المائة، في حين أن نسبة نقاء الكوكايين الذي يتم ترويجه في السوق لا تتجاوز 35 في المائة، ما يعني أن 12 طنا التي تم حجزها ستتحول إلى قرابة 50 طنا، بعد إخضاعها للعملية الكيميائية.

في المغرب، من يتم القبض عليهم في الغالب، هم مروجون مغاربة أو من جنوب الصحراء.

هناك من يقول إن قوة رصد المغرب للمسالك البحرية غير طريقة تفكير المهربين الدوليين؛ حيث باتوا يهربون الكوكايين عبر موانئ السنغال وموريتانيا، وعبر معبر الكركرات…

السؤال يقرب الصورة، بشكل جيد. وهنا أشير إلى أن الإشكالية ظهرت، في البداية، ببلدان غرب إفريقيا التي كانت من بين البلدان الرئيسية التي استهدفها مروجو الكوكايين بأمريكا الجنوبية. نتحدث هنا عن الفترة الممتدة ما بين عامي 2004 و2010، بينما المغرب لم يكن مهددا وقتها. فيما بعد، بات ممرا للتهريب نحو القارة الأوروبية، حيث كنا نوقف 5 مهربين من جنوب الصحراء، يوميا، في مطار الدار البيضاء، بالأساس، ثم يليه مطار مراكش.

هؤلاء المهربون، الذين يسافرون بنفس الرحلة الجوية، لا يعرفون بعضهم البعض، لكنهم يشتغلون لفائدة نفس المنظمة. كيف علمنا بذلك؟ من خلال إخضاع هواتفهم للخبرة التقنية، حيث نجد أن شخصا واحدا اتصل بهم جميعا.

هذه التقنية المسماة بـ”La bale de chasse” هدفها هو القبض على شخص أو شخصين، وإفلات البقية، حيث يحمل كل واحد فيهم كيلوغرامين من الكوكايين الخالص.

منذ عام 2009 وإلى حدود الساعة، تغير الوضع، حيث باتت المنظمات العالمية تركز على غرب إفريقيا، وكانت مكافحة شرسة جدا لتهريب الكوكايين، لتقرر الكارتيلات أن تجرب حظها مع المغرب كتعويض لإفريقيا ومع إسبانيا، وهو ما أسفر عن محاولات تهريب مهمة تم إجهاضها، حيث حجزنا أطنانا من الكوكايين.

من جانبنا، كنا نتبع بروتوكولا خاصا بالطائرات الآتية من دول جنوب الصحراء، والمتمثل في تنميط المشتبه فيهم، وتعزيز تدابير الرقابة على المراكز الحدودية. وهنا أشير إلى أنه في البداية، لم نكن نعرف أنه يتم ابتلاع المخدرات، ونتحدث هنا عن عامي 2004 و2005، حيث كانت تصلنا رسائل من شركائنا عبر الأنتربول تقول إن مهربين نجحوا في تهريب الكوكايين من المغرب، وهو ما يعتبر أمرا حساسا بالنسبة لصورة بلادنا.

أيضا، استعنا بمعدات فعالة للغاية، حيث باتت تظهر لنا، بسهولة، كبسولات الكوكايين المخبئة في جسم الإنسان، فضلا عن التعبئة الأمنية الكبيرة بخصوص الأمتعة، حيث حققنا نتائج مهمة جدا. موظفو الدار البيضاء أصبحوا مرتاحين، حيث أجهضنا 3 محاولات تهريب دولية للكوكايين فقط، منذ العام السابق.

لنكن واضحين، التهديد دائما موجود، لكننا وجهنا ضربات قاسية لكارتيلات أمريكا الجنوبية. حينها، فهموا أنه من الصعب اللعب مع السلطات المغربية. لقد أزعجناهم بإجهاضنا لمحاولات تهريب الأطنان من هذا المخدر، ما جعلهم يغيرون خططهم، مرة أخرى، نحو غرب إفريقيا.

قلتم إن الخبرة التقنية أظهرت أن شخصا واحدا هو من يتصل بجميع المهربين الموقوفين، من أي بلدان كانت ترد الاتصالات عادة؟

كانت ترد من جنوب الصحراء أو أمريكا اللاتينية.

ما هي الأساليب الجديدة التي بات ينتهجها مروجو المخدرات للتمويه؟

من أجل منع الكلاب من رصد رائحة الكوكايين، يستعملون، حاليا، نوعا من المواد الكيميائية. أما بخصوص الحاويات، التي تعد أمرا صعبا بالنسبة للعالم بأكمله، فهم يختارون مكانا يصعب الوصول إليه داخل باخرة كبيرة تحمل ما يقارب 500 حاوية.

ما هي أهم المراكز التي يتم فيها رصد ترويج الكوكايين؟

إجهاض محاولات التهريب يتم في عدة مدن، لكن بدرجات أكبر بمدن الدار البيضاء، ومراكش، وطنجة، والرباط.

هل يتوفر المغرب على الموارد البشرية الكافية؟

أكيد لدينا، لكن ليس بالمثالية المطلوبة، حتى نكون واقعيين. يحاول الجميع بذل مجهود كبير، فضلا عن التنسيق بين جميع الأقسام الأمنية.

دعنا نعود إلى نقطة التنسيقات الاستخباراتية، وأريد أن أستحضر التنسيق بين السلطات المغربية والبرتغالية، في قضية القبض على دبلوماسي إفريقي في مطار الدار البيضاء، تم تجنيده من طرف شبكة إجرامية.

وقتها، نسقنا مع وزارة الخارجية، وأخذنا الموافقة، قبل تفتيشه، حيث اكتشفنا أنه يهرب 7 كيلوغرامات من الكوكايين داخل إحدى اللوحات الفنية، نحو بلده. كما قمنا بإخبار السلطات هناك، حيث أوقفوا 3 أشخاص كانوا بانتظاره.

من هم شركاء المغرب الأمنيون؟

معظم البلدان الأوروبية، وأمريكا، وبريطانيا.

هل صحيح أنه يتم خلط الكوكايين والحشيش في نفس الشحنة؟

هي حالات نادرة. وبخصوص القنب الهندي، فأؤكد لكم أن المغرب تمكن من توجيه ضربات قاسية للشبكات المهربة له. لقد خنقناهم. وما يثبت ذلك هو التواجد القليل، حاليا، للقنب الهندي المغربي في البلدان الأخرى، مقارنة مع العشر سنوات أو عشرين سنة الماضية.

تهريب القنب الهندي لن يتوقف يوما. يجب فهم عقلية المروجين، فهم يعتبرون الأمر تحديا. كمثال، حينما يتمكن مروج دولي ما من تهريب 5 أطنان من الحشيش، فالمنتظر بعد حصوله على أموال طائلة مقابل عمله هذا، هو أن يأخذ عطلة للراحة والاستمتاع بمكاسبه، لكنه يفضل متابعة عمله بدلا من ذلك. هذه هي متعته الحقيقية.

هل يمكن أن يصعب تقنين استعمال القنب الهندي عملية مكافحته؟

بالعكس، سيسهل العمل على ذلك. وسيحسن ظروف الفلاحين الذين يحصلون على الفتات من طرف بارون المخدرات. قبل أن تتوجه الدولة نحو التقنين، كان الفلاح، مثلا، يكسب 3 آلاف درهم في العام، لكن باشتغاله مع الدولة، سيتمكن من الحصول على 120 ألف درهم في العام، فضلا عن اشتغاله، بشكل قانوني، وفي ظروف مريحة، دون أدنى خوف. إنه فرق شاسع!

وماذا بخصوص الذين فضلوا الاستمرار في الاشتغال بطريقة غير شرعية، هل ستتم متابعتهم قضائيا؟

إن ثبت تورطهم في تمويل مروجي المخدرات. الدولة عرضت عليهم العمل معها، وبالفعل، كانت ردود الفعل جيدة من طرف الفلاحين.

أين وصلتم في محاربة البوفا؟

بالفعل، كانت البوفا إشكالية حقيقية في مدينة الدار البيضاء. وتم التفاعل مع شكاوى المواطنين، بدرجة عالية، والدليل هو عقد اجتماعات على مستوى عال، حيث تم وضع خطة عمل مكنت من تحديد أماكن النشاط، والممولين والمروجين، الذين كانوا بالعشرات. حضرنا كل ما يلزم، وشرعنا في الإجراءات، في غشت 2023.

كانت تتم متابعة العمل على المستوى المركزي، كل يوم، وتكتب تقارير حول عمليات التوقيف والحجز. ويمكنني القول إنه في الشهرين الأخيرين، بات من النادر أن تسمع بعملية حجز لمخدر “البوفا”، وبكميات قليلة لا تتعدى الغرامات، حيث تم توقيف قرابة 95 في المائة من المروجين. ورغم ذلك، فنحن ما زلنا نتابع الأمر.

المعروف أن الأقراص المهلوسة تأتينا من الخارج، لكن هل هناك تصنيع محلي لها؟

لا، ليس هناك وجود لأي تصنيع محلي لها في المغرب. الكميات التي تخرج من الصيدليات للاتجار فيها لا تقارن أبدا بالأقراص التي تهرب  من الخارج. نحن نتحدث عن بضع مئات مقابل الملايين.

موضوع التصنيع يحتاج إلى كيميائيين، ومختبرات بمعدات معينة، وهو ما لا يتوفر لدينا، إلى حدود الساعة، لحسن الحظ.

من النادر أن تجد مختبرات لتصنيع الأقراص المهلوسة، في كل العالم. فالمنتجان الرئيسيان لها، هما بلجيكا وهولندا، وخصوصا هذه الأخيرة.

ما الكميات التي يتم ترويجها من الإكستازي في المغرب؟

يمكن أن نتحدث عن الملايين.

وماذا عن الاتجار في السلاح؟

لا وجود له، حيث يتم تنظيمه، بشكل صارم.

إقرأ الخبر من مصدره

مقالات ذات صلة