أخر المستجدات

الأكثر قراءة

الرئيسيةاقتصادبعد تثبيت سعر الفائدة الرئيسي .. عوامل اقتصادية تفسر قرار بنك...

بعد تثبيت سعر الفائدة الرئيسي .. عوامل اقتصادية تفسر قرار بنك المغرب


هسبريس – يوسف يعكوبي

تفاعل خبراء وأكاديميون اقتصاديون مغاربة مع قرار مجلس بنك المغرب، إثر اجتماعه الفصلي الثالث برسم سنة 2024، أمس الثلاثاء 24 شتنبر الجاري، القاضي بـ“الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير في 2,75 في المائة”، مؤكدين أن “التريّث-الذي تكرر في حديث الجواهري إلى الصحافيين بعد الاجتماع-يبقى محموداً لاستشراف مآل تطور الظرفية الاقتصادية والاجتماعية، ومواصلة تتبُّعها عن كثب”.

وأجمع الاقتصاديون الذين تحدثت إليهم جريدة هسبريس الإلكترونية على أهمية “التريث لضمان الاستقرار الاقتصادي”، مثمّنين ما خلص إليه الاجتماع بأن “مِن الملائم الحفاظ على التوجه الحالي للسياسة النقدية بعد تدارسه لتطور الظرفية الاقتصادية الوطنية والدولية وكذا التوقعات الماكرو-اقتصادية للبنك على المدى المتوسط”.

إيشو: “التريث والحذر المدروس”

محمد عادل إيشو، محلل مالي أستاذ العلوم الاقتصادية بالمدرسة العليا للتكنولوجيا بخنيفرة، قال معلقا: “بناءً على السيناريوهات التي قدمتُها قبل اجتماع بنك المغرب، يَظهر أن قرار الإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير عند 2.75% يتماشى مع السيناريو الثاني الذي توقعت فيه أن يتريَّث بنك المغرب قبل اتخاذ أي خطوات إضافية”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;}

في هذا السياق، لفت إيشو إلى أن “القرار يَعكس حذرًا مدروسًا من طرف بنك المغرب، حيث فضّل الإبقاء على سعر الفائدة الحالي وتقييم تأثير التخفيضات السابقة التي تم إقرارها في يونيو 2024”. وقال: “يبدو أن البنك المركزي يرغب في مراقبة التطورات الاقتصادية الوطنية والدولية قبل اتخاذ أي تعديلات إضافية على السياسة النقدية. هذه المقاربة تؤكد حرص البنك على ضمان استقرار الأسعار، خاصة في ظل حالة عدم اليقين الدولي المرتبطة بالحروب الجيو-سياسية وتغيرات أسعار الطاقة”.

من جهة أخرى، يضيف المحلل الاقتصادي ذاته، فإنه “على الرغم من أن السيناريو الأول الذي يتوقع مزيدًا من التيسير النقدي كان الأقربَ للتحقق، بناءً على حاجة المغرب لتمويل المشاريع الكبرى مثل التحضيرات لاستضافة كأس العالم 2030، إلا أن بنك المغرب اختار التريث بالنظر إلى التحديات الاقتصادية المحلية، مثل الجفاف والإجهاد المائي، التي قد تؤثر على النمو الاقتصادي”.

“في اعتقادي، القرار الحالي بالإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير هو قرار حكيم ومحافِظ، يسعى لضمان استقرار الاقتصاد في ظل ظروف متقلبة”، يورد إيشو في نبرة إشادة وتثمين، مضيفاً: “على الرغم من أن التيسير النقدي كان يمكن أن يوفر السيولة اللازمة لتحفيز الاستثمار المحلي وتمويل المشاريع الكبرى، يبدو أن البنك اختار مسارًا أكثر حَذرًا لتجنب أي تضخم غير مرغوب فيه أو تأثيرات سلبية على استقرار الأسعار”.

وختم مستحضرا أن “قرارات بنك المغرب مستندة إلى أرقام دقيقة تعكس الوضعية الاقتصادية الوطنية والدولية بشكل واقعي. ويعتمد البنك في توقعاته على نماذج قياسية واقتصادية جد متينة، يتم استخدامها لتطوير سيناريوهات مبنية على بيانات حقيقية حول صحة الاقتصاد. هذه النماذج تساعد في توجيه السياسات النقدية بما يتلاءم مع الظروف الراهنة، مما يضمن أن القرار المتخذ يعكس بدقة الوضع الاقتصادي ويخدم الاستقرار على المديين المتوسط والبعيد”.

فروحي: “استقرار المؤشرات الخمسة”

من جانبه، اعتبر المهدي فروحي، أستاذ بكلية الاقتصاد والتدبير بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، أن “قرار تثبيت سعر الفائدة الرئيسي بالمغرب كان قرارا منطقيا منتظَراً؛ بحكم تسجيل السلطات المالية المغربية شبه استقرار خيّم على تطور المؤشرات الخمسة المعروفة ماكرو-اقتصادياً بتحكمها في الظرفية العامة (النمو، التضخم، المالية العمومية، الحسابات الخارجية والقروض البنكية)”، رافضاً “الربط الذي يقيمه البعض بين المغرب وسياق خفض الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة بنصف نقطة أساس”.

وفسّر فروحي أن “العوامل الوطنية والداخلية للاقتصاد المغربي رجَّحَت كفة تثبيت سعر الفائدة رغم خفضها في أمريكا أو أوروبا مثلا”، مستدلا بأن “مؤشرات النمو عرفت انتعاش الأنشطة غير الفلاحية رغم الانخفاض الطفيف في النمو الاقتصادي الشامل، فضلا عن تقلص عجز الميزانية واستقرار المالية العمومية”، كما أن “التضخم انحسر وتباطأ إلى 1.3 في المائة”.

وختم المحلل الاقتصادي نفسه بأن “تحيين سعر الفائدة الرئيسي بالمغرب، سواء في اتجاه الخفض أو التثبيت، تحكمُه تطورات المعطيات خلال الأشهر الثلاثة المتبقية على نهاية سنة 2024″، قبل أن يستدرك باستحضار تداعيات سيناريو استشرافي على “تأثر المغرب بارتفاع تكاليف الواردات الطاقية والصناعية التي قد تتأثر بشكل ملحوظ في حال توسع دائرة الحرب والنزاع في الشرق الأوسط وبلدان الجوار، ما سيؤدي إلى ارتفاع التضخم مجدداً، وهو ما ينذر بتشديد جديد للسياسة النقدية قد يؤدي إلى رفع مرتقب لسعر الفائدة عند نهاية السنة”.

الهيري: “تفادي التذبذب في القرارات”

على المنوال نفسه نسَج عبد الرزاق الهيري، محلل مالي مدير مختبر تنسيق الدراسات والأبحاث في التحليلات والتوقعات الاقتصادية في جامعة فاس، قراءته لقرار الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي في مستواه المقرر في يونيو 2024، مسجلا أنه “مرتبط على الأقل بثلاثة عوامل أساسية”.

العامل الأول هو أن “المغرب لم يتمكن من التحكم كلياً في استقرار الأسعار؛ لأن التضخم مازال فوق الهدف المنشود، يعني أقل من 2 في المئة، نظراً لعدة عوامل بات يعرفها الجميع (التغيرات المناخية والتقلبات الجيو-استراتيجية التي أبقت على أسعار مجموعة من المواد التي تستهلكها عامة الأسر)، خصوصا من المنتجات الفلاحية التي تبقى مرتفعة مقارنة بالمستوى العادي للأسعار”.

العامل الثاني، يضيف المصرح لهسبريس، “هو ما نراه من تطورات التقلبات الجيو-استراتيجية الجديدة بخصوص نشوب صراعات وتوسعها في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط وسط توقعات بأن مسارَها غير معروف وبتأثيرات غير مضبوطة إلى حد الآن، وتزايد هواجس ومخاوف جدية من أن يؤثّر توسع الصراع العسكري سلبًا على أسعار مجموعة من المواد، خصوصا المواد البترولية ومشتقاتها”.

العامل الثالث يتمثل في “الحفاظ على مصداقية قرارات بنك المغرب؛ لأن نجاح بنك المغرب، يُحسَب له في تحقيق أهدافه، مرتبط بمصداقية القرارات التي يتخذها مجلس إدارته”، يقول الهيري، وزاد شارحا: “لأن البنك المركزي المغربي يمكنه خفْض سعر الفائدة الرئيسي في فصل والعودة إلى رفعه في فصل آخر؛ لتفادي ذلك وكما قال والي البنك، فإن تفضيل هذا الإبقاء يجعل اقتصاد المملكة يتفادى الذبذبة في اتخاذ القرارات”.

وختم الهيري منوّها إلى أن “بنك المغرب من بين البنوك المركزية في العالم التي تستمر في التميّز بسُمعة عالية والمصنَّفة في المراتب الأولى من بين أبرز البنوك المركزية في العالم، علمًا بأن تخفيض سعر الفائدة الرئيسي كان من الممكن أن يشجع الاقتصاد ولكن لا يمكننا أن نخاطر به في السياقات الراهنة”.

إقرأ الخبر من مصدره

مقالات ذات صلة