أخر المستجدات

الأكثر قراءة

الرئيسيةدوليجنوب إفريقيا: الحكومة تواجه تحديات مختلفة في ظل الهشاشة السياسية

جنوب إفريقيا: الحكومة تواجه تحديات مختلفة في ظل الهشاشة السياسية

بعد تشكيلها عقب الانتخابات العامة الأخيرة وتقديمها بمثابة المنقذ السياسي من كل التحديات التي تواجهها جنوب إفريقيا، تجد حكومة هذا البلد نفسها في الوقت الراهن على محك حقيقي.

فقد دخل عدد من أعضاء الجهاز التنفيذي في خلافات حادة، نتيجة تضارب قوي في وجهات النظر بشأن إصدار مشروع قانون “بيلا”، وهو نص قانوني يتعلق بالتعليم الأساسي الذي تعارضه بعض الأحزاب السياسية بشدة، وتعتبره يشكل تهديدا للغة الأفريكانية.

وبعد توقيع سيريل رامافوزا، رئيس الدولة ورئيس حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، الحزب الذي يتولى السلطة منذ 30 عاما، على مشروع القانون هذا في 13 شتنبر المنصرم، أثيرت أسئلة حول مدى قدرة حكومة الائتلاف الوطني على الاستمرار ، خاصة بعد أن هدد التحالف الديمقراطي، ثاني قوة سياسية في البلاد، بالانسحاب من الحكومة احتجاجا على هذا القانون.

تجدر الإشارة إلى أن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي خسر، للمرة الأولى منذ ثلاثة عقود، أغلبيته المطلقة في البرلمان بحصوله على 40 في المئة فقط من الأصوات التي تم الإدلاء بها خلال انتخابات التاسع والعشرين من ماي المنصرم، وهو ما اضطره إلى تشكيل تحالفات مع أحزاب سياسية أخرى لتشكيل حكومة ائتلافية.

غير أن “الارتياح” الذي خلفه تشكيل حكومة وحدة وطنية، لأول مرة في تاريخ البلاد، صرفت أنظار مواطني جنوب إفريقيا عن الواقع المحزن لحكومة وأمة منقسمة بسبب عقود من الفصل العنصري.

وطفت هذه الانقسامات على السطح منذ أول اختبار حقيقي للحكومة الجديدة، بعد صدور مشروع القانون المتعلق بالتعليم الأساسي، حيث أصيب المواطنون، الذين انتظروا طويلا حدوث معجزة، تتمثل في حكومة قوية تخلصهم من آلام الماضي، بالصدمة. وما زالوا تحت تأثير هذه الصدمة في انتظار الموقف الذي سيتبناه التحالف الديمقراطي، الذي كان القوة المعارضة الأساسية قبل دخوله الحكومة.

وفي ظل هذا الأفق المسدود ، عبر رئيس جنوب إفريقيا عن قلقه ومخاوفه من احتمال الانقسام. وقال في هذا الصدد “ستدفع جنوب إفريقيا غاليا ثمن فشل حكومة الوحدة الوطنية (…). وحذر في مؤتمر صحفي من أنه “قبل الانتخابات، كان الناس يتساءلون إلى أين تتجه البلاد، وكان المستثمرون يترقبون وكان نمونا الاقتصادي يبدو في حالة ركود”.

وكان رئيس الدولة يرد على التهديدات التي يوجهها التحالف الديمقراطي، وهو حزب يتولى ست حقائب في الحكومة والذي أعلن أنه سيتبع الآن الطريق القانوني للعدالة لإعلان عدم دستورية مشروع القانون. وعلى الرغم من أن قيام أحد الأحزاب في الحكومة بمقاضاة حزب آخر في نفس الحكومة يبدو سخيفا، إلا أن هذا لن يكون الحدث الأكثر سخافة في سياسة جنوب إفريقيا في الآونة الأخيرة.

– مشروع قانون يكشف الانقسامات العميقة داخل مجتمع جنوب إفريقيا

من الواضح أن هذا الجدل الجديد كشف عن الانقسامات العميقة ليس فقط داخل الطبقة السياسية، بل أيضا داخل المجتمع. وهكذا، فإذا كان قد تم اتخاذ خطوات مهمة منذ نهاية نظام الفصل العنصري سنة 1994، فإن التحديات العميقة المرتبطة بمحاولة توحيد السكان الذين ما زالوا يطاردهم الفصل العنصري واضحة أيضا.

لذلك، يبدو من الواضح أن توالي الأحداث السياسية الراهنة في بلد قوس قزح قد خلق مساحات مشتركة للجميع تقريبا، بما في ذلك أولئك الذين يحملون إيديولوجيات متعارضة تماما.

وقد تم تشكيل حكومة الوفاق الوطني على عجل في سياق سياسي متوتر. ولم يعد أمام الأحزاب السياسية المختلفة المكونة لها، ذات التوجهات المختلفة، خيار آخر سوى التعايش حتى تتمكن من تقديم حل سياسي لمواطني جنوب إفريقيا اليائسين، يسمح لهم بالتعافي بعد عقود من المعاناة.

وإن لم يكن الأمر كذلك، فسيكون الطلاق الذي سيكلف أكثر من ذلك بكثير بالنسبة لجنوب إفريقيا التي تعاني من كل العلل: الفساد المستشري، والجريمة المتفشية، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر، والأزمة الاقتصادية الحادة، ومعدل البطالة القياسي (33 في المئة).

إقرأ الخبر من مصدره

مقالات ذات صلة