أخر المستجدات

الأكثر قراءة

الرئيسيةرآي“غزة تشخص الخلل في عالم بلا مكيال”

“غزة تشخص الخلل في عالم بلا مكيال”

1)   أكيد هناك خلل!!! ، وخلل فظيع أيضا، ومريع ومفزع ومرعب ومخزي لا محالة. خلل فيه شلل وفيه ضلال وفيه إهمال وفيه إسهال وفيه إذلال وفيه قتل متعمد وعدم تكافؤ قتال. خلل كسر كل موازين العدالة وكل مظاهر الاشتراك النفسي الإنساني وكل مبادئ الشجاعة والشهامة والرجولة عند سائر الأمم ، التي تبدو كأنها فوق الأرض بينما هي غارقة في الطين الآسن والتآمر النتن والنفاق العفن والدهاليز المظلمة الظالمة غير الهادفة ولا ذات الغاية الشريفة…

مرت عشر شهور والقتل المدمر والوحشي والغادر بكل بشاعته ووحشيته ونذالته وجبنه وخوره يصب صبا على إخواننا الفلسطينيين ،الصامدين في غزة، من طرف العدو الصهيوني المدعم و الغاشم الظالم والآثم والمهدّم والممزق لكل المواثيق الدولية والأعراف البشرية والمشاعر الإنسانية والمبادئ الأخلاقية والتعاليم الدينية . ” قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ  النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ  وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ”.

كل من في العالم اليوم شهود على هذه المحرقة ،كل من في العالم مسؤول عن هذه المحرقة ، كل من في العالم سيناله نصيب من هذه المحرقة ، لأنه رأى المنكر ولم يغيره ،رأى القتل ولم يمنعه ، رأى الظلم ولم يمنعه ،رأى وكأنه لم ير شيئا ” صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ، أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ” وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ”.

هذا هو حال دول العالم اليوم، منهم العربية وغيرها، سواء في أروقة الأمم المتحدة أو في وسائل إعلامها، ممن تؤيد وتساند وتدعم العدو الصهيوني ، إن ظاهرا صريحا كما تفعل الولايات المتحدة على الظلم والطغيان أو كما يفعل بعض الحكام والخدام من أذيالها وأتباعها كضباع بشرية انتهازية لا غير .

2) لا أستطيع أن أكتب بلغة المحلل السياسي المعتدل أو المفكر المتأني في هذا المقال،وذلك لأن السياسة العجفاء لم تعد لها قيمة علمية في هذا الظرف ، ولا هي تمثل حضارة وتفوقا بشريا كما كان بها العمران وتأسيسه ، إذ نحن في زمن الهويِّ  ونهاية والشر والفساد كما عرف به ابن خلدون الحضارة ،نهاية الشر الذي عنوانه القتل والغصب والظلم العام والطغيان بغير رادع ، وبموازاته الترف والغناء والرقص على أحزان الموتى والأشلاء بخير ضمير ولا حياء !!! ،وهنا انتهى المطاف ” إذ الظلم مؤذن بخراب العمران“.

وها هو خراب العمران ،المفتعل عنوة وقسوة ، بغزة الجريحة وأهلها المظلومين ،بغير حق ولا قوانين، قد عم القطاع وليس هناك رادع من ذي منصب ولا ذي باع ،ولا منادي ولا داعي إلى إيقافه ولو بلهجة وكلام موبخ ومندد، وإنما قد يجعلون ،بلغة إعلامهم الغبي ، الجلاد والقاتل في نفس كفة الضحية والمقتول ،والظالم في نفس مقام الظالم ،والمدافع عن أرضه وعرضه في وضع الغاصب والغادر والفاتك ، فأي فساد بعد هذا من فساد وأي ذل وخلل قد أصاب البشرية أسوأ من هذا الذي قد عم منطق السواد وتجار الدماء والمتلاعبين بمصير البلاد وأرواح العباد ؟

    فقد صرنا نفطر على لون الدماء وننام على وقع الأشلاء ونحلم بكوابيس الصراخ وأنين الأبرياء، الصادر من الأطفال والشيوخ والمستضعفات من النساء ، نعيش معهم بوجداننا كله ونبكي ببكاهم ونحترق بحرقاتهم ولكن من غير استطاعة أن نقدم لهم ولو يد مساعدة بسيطة تخفف عنهم من هذا العذاب والعناء،بل حتى الدعاء قد ندعو لهم في الخفاء . وهذا مما يؤلمنا كثيرا ويكدر علينا عيشنا وصفونا مهما حاولنا التغاضي ونسيان هذا الواقع المر المغمور بالدماء . 

ولولا تلك البطولات الخارقة التي يبديها المجاهدون والمقاومون ،وما يوقعونه بالعدو الصهيوني الغاصب من ضربات موجعة ما يوقعون، لكان الألم لدينا أضعافا مضاعفة واللوم الذي لا يجد لخذلاننا مبررا ولا حجة واضحة.

  فعذرا آل غزة وفلسطين الأكرمين  فإن موعدكم النصر المبين ، ولكم منا الدعاء الخالص المقتبس من رسولنا الأمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:”اللهم بك أحول وبك أصول وفيك أقاتل ،وأنت حسبي ونعم الوكيل ” وكانَ وَعْدًا مَفْعُولًا” . 

إقرأ الخبر من مصدره

مقالات ذات صلة