أخر المستجدات

الأكثر قراءة

الرئيسيةرآيالصغيري يكتب: الخبث السياسي من أحط أنواع القذارة السياسية

الصغيري يكتب: الخبث السياسي من أحط أنواع القذارة السياسية

نعيش خلال هذه الأيام مستوى كبير من الخبث السياسي بمعنى الكلمة، حيث لا مبادئ ولا أخلاق، اذ يظن البعض أن السياسة هي مرادف للخبث، بل هي تجويد لممارسة الخبث في أكبر تجلياته، وأن السياسي الحقيقي هو من يُتقن ويوظف الخبث في ممارسة الفعل السياسي، وبالتالي هو من يحترف الكذب والمراوغة، وهو من يوظف كل شيطنات إبليس وضلالاته التي يجيدها ويتقنها كثيرا، فنراه ينشر العداوة، والبغضاء، والفرقة، والصراع، فيساند ويؤيد طرف مهما كانت وضاعته وحقارته ثم ينقلب عليه، ويضعف طرف الآخر لينال الحظوة على اضعافه؛ فيحمله الطرف الأول على الأكتاف. انهم أرباب السياسة القذرة.

ومن أخبث أنواع الخبث السياسي، هو ذلك الذي يمارسه “السياسي” عندما يسعى الى تدمير عائلته السياسية، لأجل تحقيق المزيد من المصالح الخاصة على حساب مصالح عائلته السياسية كاستراتيجية لأجل البقاء والهيمنة.

لم يسبق للسياسة أن ابتعدت عن الأخلاق بالدرجة التي عليها الآن، إذ أصبحنا نعيش أبشع تجليات “الميكافيلية”، وتنامي شعور يميل نحو التحلل من الضوابط الأخلاقية وإباحة كل الطرق والوسائل لتحقيق والمصالح الذاتية. يظن بعض الفاعلين السياسيين أنهم لا يزالون يتمتعون بقدر ما من الأخلاق في عملهم السياسي لكن الواقع يفضح ذلك؛ وما يقع حالياً صورة من صور القذارة السياسية، ما يقع الآن من صراعات هامشية الهدف منها هو تدمير للرفيق والأخ قبل الخصم بكل الطرق المتاحة حتى غير الأخلاقية منها. عرَّى عن واقع الفعل الحزبي. سقط الفاعلون السياسيون في مستنقع القذارة السياسية.

إنه العبث السياسي الذي قد يؤدي إلى هدم الثقة في دور الفاعل السياسي. والمقلق أكثر هو أن منظومتنا السياسية والأخلاقية بدأت تتعرض للانهيار، وذلك بانهيار الركن الأخلاقي في السلوك السياسي. أمام هذا النوع من الممارسات، وأمام هذه الطينة من الفاعلين السياسيين، من السهل جداً اغتيال الفعل السياسي، وتعطيل الزمن السياسي، وتجريد الفعل السياسي من أي محتوى فكري أو ايديولوجي. ومن المؤسف أنه في الوقت الراهن، هناك من لا يزال ينادي بتحرير وسائل السياسة من معاييرها الأخلاقية، لأن الحاجة الى الاخلاق في ميدان السياسة لم يعد يواكب الزمن السياسي الحالي. وهذا ما جعل الفعل الحزبي يصاب في الوقت الراهن من بؤس وانحدار، وأصبح التعبير عن الخلاف السياسي لا يخضع لأية ضوابط أخلاقية.

خلاصة القول إن ارتباط السياسة بالأخلاق كان ولا يزال منذ القدم، والنضال السياسي هو قيمة أخلاقية بحد ذاته، لذا أعتقد أن ممارسة الفعل السياسي في أي مجتمع كان، لا يمكن أن تخرج عن دائرة الأخلاق التي تحكم ذلك المجتمع، وإن حدث العكس فسنكون قد أعلنا عن موت الفعل السياسي.

  • يحيى الصغيري
    أستاذ علم الاجتماع السياسي

إقرأ الخبر من مصدره

مقالات ذات صلة