أخر المستجدات

الأكثر قراءة

الرئيسيةرآيعندما تتحول “الدولةُ لعميقة ” إلى موضوع الصحافة والسياسة ..!

عندما تتحول “الدولةُ لعميقة ” إلى موضوع الصحافة والسياسة ..!

بقلم : محمد القاسمي

الدولة العميقة عبارة يتم تداولھا بشكل كبير اليوم داخل الأوساط السياسية والاجتماعية والاستخباراتية ، وذلك بعد الخرجة الإعلامية المُطَوَّلة لوزير العدل الرَّميد الذي مَرمَدَ بلغة المغاربة إخوانه في الحزب والحركة والجماعة …، وأظهر نفسه مكان “النَّبي” الذي بُعثَ من جديد وبدون تكليف من السَّماء للدِّفاعِ عن شيءٍ يسيء له بالأساس وهو يجعله موضوعاً للجميع في سياقٍ وطني ودولي يهيكل نفسه حسب الواقع والطّلبِ والحاجة ، وكأن الرَّجُل يكشف للمغاربة الجهة التي تحكم المغرب ، بلغة رجل خارج نسق المصباح وربما لكلامه شيء من المصداقية والشرعية ، ومن ثمَّ لا هو يخدُمُ الدولة العميقة ولا هو يحاربها ، وهو أسلوب حربائي لايتقنه إلا نفس الشَّخص الذي ساهم وضعٍ كارثي جعل لاستقلالية السلطة القضائية ثمناً غالياً تؤديه جهات ماكانت لها أن تتورط لولا رهانها على حنكته السِّياسية الرفيعة في النَّفاق …

من يقنعنا اليوم أن مصطفى الرميد بريء مما حصل مع صديقه وشريكه توفيق بوعشرين ، ومن يقنع المغاربة أن الرجل التمس العفو لناصر الزفزافي ورفاقه لولا أن الرجل يريد أن يلعب دوراً جديداً لايستحقه ولا يمكن المراهنة عليه ، من بارك تسمية الدولة العميقة بالعفاريت والتماسيح حتى يكون الوصف لطيفاً والهجوم شرساً في مرحلة مَّا، الدولة العميقة كانت ولا زالت محطَّ جدل وتفسيرات مختلفة بين أغلب الأطياف والألوان الحمراء والزرقاء وتلك التي لا لون لها ، فالدولة العميقة تفيد بوجود ھيكلة تنظيمية سرية لشبكة من السلطات والمؤسسات والشخصيات الذين لھم نفوذ قوي، يمارسون عملھم بشكل خفي، ولھم تأثير قوي في صناعة القرار السياسي خلف الأبواب المغلقة، ذلك أن ھؤلاء النافذين ليس لھم احتكاك مباشر مع المواطنين، ولا تتم عملية اختيارھم عبر مسلك الانتخاب، بل إن تأثير نفوذھم يسري عبر العلاقات الوثيقة مع المؤسسات الحكومية والاقتصادية والأمنية، وهذه ضرورة لكل دولة داخل الكون وخارجه ، حتى لغة السماء تقول بوجود رقيب وعتيد ، وتقارير تكتب من طرف الملائكة حتى يتبين من يستحق جنان الخلد أو نار جهنم …

وعادة ما تبنى الدولة العميقة عبر وجود شبكات تربطھا علاقات متينة بين شخصيات لھا حظوة ونفوذ في مؤسسات قوية ومختلفة، ويكون لھم أتباع من أجھزة ومؤسسات الدولة والمؤسسات الاقتصادية والإعلامية، ھؤلاء الأتباع يتم اختيارھم على أساس إرتباطاتھم ومدى ولائھم الشخصي والسياسي، ويتم توظيف ھؤلاء الأتباع من أجل تحقيق غايات محددة بعينھا، وتكون هذه الغايات في الأغلب الأعم خارج حدود السلطة الرسمية، ولا وجود للثابت أو المتحول في ثقافة هاته البنية التي تُبنى على تاريخ وحسابات تتغير بتغير الأمواج بين المد والجزر لكن هذا لا يؤثر على عمق البحر مهما كان للقمر من تأثير ولو طبيعي بالنظر لقانون الطبيعة التي لا تخرق إلا بالمعجزات أو الأساطير حسب الثقافة الدينية …

وتكون وظائف الدولة العميقة محددة بدقة، كالحفاظ على الاستقرار السياسي، فيقوم أفراد الدولة العميقة بالتأثير على القرارات السياسية لضمان استقرار النظام السياسي القائم، ومنع أي تحولات جذرية أو تهديدات لھذا النظام ، وكذلك الحفاظ على الأمن القومي، حيث يعتبر الدفاع عن الدولة والمصالح القومية أحد أهم أهداف الدولة العميقة، فهي تعمل على حماية البلاد من التهديدات الداخلية والخارجية بشكل غير مرئي.

ومن وظائف الدولة العميقة تنظيم الاقتصاد والمال، حيث تلعب الدولة العميقة دورا في توجيه السياسات الاقتصادية وتنظيم النظام المالي بما يخدم مصالحها الخاصة، كما تقوم بالتأثير على الرأي العام، وذلك من خلال ضبط وسائل الإعلام والرأي العام ، ويعد ھذا جزءا من استراتيجية الدولة العميقة لتشكيل الرأي العام وتوجيهه وفقا لأجندتها الخاصة.

ووجود الدولة العميقة قد يحدث تحديات وآثارا سلبية للدولة، فمن السھل أن يتسلل إليھا الفساد، فقد يؤدي النفوذ والاستقلالية العالية التي يتمتع بها أفراد الدولة العميقة إلى الفساد. لأنه قد يستغلون موقعهم وسلطتهم لتحقيق مكاسب شخصية وتجاوز القوانين والأخلاقيات، كذلك من الآثار السلبية ھو وجود انعدام للتوازن الديمقراطي، لأن الدولة العميقة قد تعرقل العملية الديمقراطية ومبدأ حكم القانون، فبدلا من أن تكون القرارات السياسية في يد الممثلين الشرعيين المنتخبين، قد يؤثر أفراد الدولة العميقة على هذه القرارات دون أن تتم مراجعتها أو رقابتها بشكل كاف.

كما بروز الدولة العميقة يجلب معه النقص في الشفافية، وذلك نظرا لطبيعة العمل غير المرئي للدولة العميقة، فإنه يمكن أن ينشأ نقص في الشفافية والمساءلة، قد يتم اتخاذ القرارات الهامة داخل هذه الهياكل السرية بدون أي مراقبة عامة أو رقابة من الجمهور، مما يعرض حقوق الأفراد والمجتمع للتهديد.

وجودھا كذلك له تأثير على السيادة الوطنية، ففي بعض الحالات، يمكن أن تتعارض أهداف الدولة العميقة مع المصالح الوطنية للدولة، فيستخدم أفراد الدولة العميقة نفوذهم لتحقيق مصالح خاصة أو لصالح جهات خارجية، مما يعرض السيادة الوطنية للتهديد.

وتثير الدولة العميقة الكثير من الجدل والتساؤلات اليوم، فبينما يدعي البعض وجودها كجزء من هياكل السلطة الحقيقية والمؤثرة، ينفيها الآخرون ويصفونها بأنها مجرد نظرية مؤامرة، ومع ذلك، فإن الدراسات والتحقيقات تشير إلى وجود تأثيرات غير مرئية وخفية في صنع القرار السياسي، لذلك، ينبغي فحص الأدلة وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع المستويات لضمان الحفاظ على نظام ديمقراطي صحي ومتوازن، فلا يمكن بناء فكرة جهاز على منهجية تفكير صاحبه ونزواته ورغباته ، فكم من جهاز بريء أساء له شخص وهو على أعلى هرمه ، وكم من شخص برىء أساء له جهازه المحكوم بقوانين هياكله التي تستوجب اعادة النظر بإرادة سامية تعطي الصلاحية لهذا وذاك ، رضي الله عنه أو سخِط ، فالرحمة تسع الجميع ، رحم الله الصوفي الجليل الذي رسَّخ مفهوم وحدة الوجود بمغربنا الحبيب فخلَّد بحكمة عظيمة “إن الوطن غفور رحيم … ” .

ملاحظة : خاص لذوي الألباب والنفوذ هنا وهناك

إقرأ الخبر من مصدره

مقالات ذات صلة