أخر المستجدات

الأكثر قراءة

الرئيسيةرآيلماذا لا تتوقف الحرب الأمريكو-إسرائيلية؟

لماذا لا تتوقف الحرب الأمريكو-إسرائيلية؟


شيروان الشميراني

منذ أن بدأت الحرب قبل أكثر من سنة، الجميع يتحدثون عن الجهود التي تتواصل من أجل وقفها، اللجنة الثلاثية الوسيطة منذ السابع من أكتوبر لم تتوقف عن صرف الوقت والطاقة للوصل الى نهاية هذه الحرب الجنونية، لكن كلها لم تأت بالنتيجة المرجوة، توقفت أسابيع ثم عادت أكثر ضراوة.

مايحصل الآن في غزة ولبنان، لوكانت دولة أخرى من غير إسرائيل هي التي تشنها وتمارسها لسارع مجلس الامن لوضعها تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهم يفعلون الآن مع روسيا، لكن الحامي لها هي أنها عضو في مجلس الأمن، حماها عضويتها في المجلس وإلا لكان الآن تحت وطأة الألم والمعاناة نتيجة القرارات الأممية التي كانت ستصدر بحقها، لكن الغرب لم يتوان في فرض حصار عليها وتزويد أوكرانيا بأغلب ما يوجع موسكو، وهو الحال مع إيران، وفعلوها مع العراق في محطات مختلقة، بالحق وبالباطل.

أما إسرائيل، فالأمر مختلف، لا تعاقب، وإنما تكافأ، وتفرض العقوبات على المعتدى عليه، وكل من يريد مساعدته على دفع الظلم، فهذه الحرب لا تتوقف لهذا الأسباب الظاهرة: –

  • في البدايات كل الدول الغربية اعتمدت الرواية الإسرائيلية، وتجاهلت مبدأ التحقيق والتثبت من الأخبار الكثيرة التي كانت تتزاحف في طريق نشرها في العالم، فوقفت الى جانبها، مع ابداء التعاطف الكامل معها، فزودوها بكل ما يحتاجها، وهي كانت لديها ما يحتاجها في ممارسة الظلم وسحق المظلومين، من سلاح ومال، ودعم سياسي، وبمرور الزمن، لما تبين لهم الأمر وحقيقته التي أخفتها عنهم الاعلام المضلل والأجهزة السرية العاملة، ورأوا الكوارث بحق الانسان ومفهوم الإنسانية، بدأت المواقف تتغير، لكن لاشيء أمكنهم فعله، هم أعطوا نتنياهو كل شيء، ولم يقدروا أن يأخذوا منه شيئاً واحداً حينما أرادوها، فهو لا يحتاجهم من بعد ما يأخذه منهم، إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لما قال إن الطريق لوقف الحرب هو منع تصدير الأسلحة التي تستعمل في الحرب في غزة ولبنان، قال له نتنياهو: “عار عليك”، أهانه بكلمات صريحة، وأجبر اليزيه على تقديم توضيح بدل إبداء موقف يستحق بكرامة اليزيه التاريخية من ديغول الى شيراك، فالغرب بدا أضعف أمام نتنياهو وأشرس على أطفال غزة، كأنه خارج المعادلة الشرق الأوسطية.
  • المؤسسات الدولية القانونية العدلية والدبلوماسية، التي مهامها هي تنفيذ القانون واللجوء الى القوة القانونية في سبيل ذلك، والمؤسسات العدلية والجنائية التي مهمتها محاسبة ومعاقبة العاصي والخارج على القانون الدولي، ومجلس الأمن الدولي الذي يفرض القانون والميثاق الأممي، كل هذه وغيرها عطلتها الولايات المتحدة الأمريكية، وأفرغتها من محتواها، هذه المؤسسات تحولت فيما يتعلق بالحرب على غزة ولبنان إلى قوالب فارغة من المحتوى، وذلك بسبب صلافة الاميركيين واستعمال حق النقض أمام كل الجهود الدولية، ووقف حتى أصدقائها من العمل على انهاء هذه الحرب. لقد أهان ممثل إسرائيل الأمم المتحدة في مقرها، وأمينها العام أنطونيو غوتيريس، وممثل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل انتظر على الحدود الجنوبية لغزة في رفح لم يسمح له بالدخول الى أراضي غزة. فهذه المؤسسات والشخصيات التي مهامها هي العمل في مثل هذه الأجواء، عطلت ومنعت من الحركة تجاه المجازر الوحشية بفعل واشنطن.
  • السبب الثالث ومسبب الأسباب كلها، هي الولايات المتحدة الأمريكية، هي التي تريد لهذه الحرب الإستمرارية ولاتريد لها ان تتوقف، هي إحدى أضلاع اللجنة الثلاثية الوسيطة مع الدوحة والقاهرة، وهي التي لم تتردد ولم تخف دعمها المطلق للكيان الإسرائيلي المعتدي، تحت أكذوبة الدفاع عن النفس، كما هي أكذوبة حقوق الانسان التي تتذرع بها للتدخل في شؤون الدول والشعوب، إنّ البعض يرددون لأنهم يصدقون مزاعم اشنطن بأنها لا تريد لهذه الحرب أن تتوسع أو أن تتحول الى حرب إقليمية كبرى، إنّ هذه المقولة بحاجة الى تصويب.

صحيح أن واشنطن لا تريد لهذه الحرب أن تتوسع رسمياً حتى لا تخرج عن سيطرتها وضبط ايقاعها، لأن ذلك يفتح الباب لمشاركة بعيدة لمنافسيها من الدول الكبرى كالصين، وتفتح الحرب الواسعة الباب على المزيد من التوتر والصداع في المنطقة العربية والإسلامية والمشاكل مع شعوبها، وتتعرض مصالح الولايات المتحدة الى الاستهداف المباشر دون تردد من طرف المجموعات المسلحة، وقد لا يستطيع العراق – البلد المهم لأمريكا- على البقاء محايداً في حرب كهذه، فهي لا تريد حرباً واسعة، لكنها تريد حرباً كالتي تجري الآن، تريد لهذه الحرب أن تستمر على النمط القائم حيث إسرائيل تقوم بمهمة الحدّ من النفوذ الإيراني وتقليم قواها الاستراتيجية في المنطقة -كما تزعم-، وهي تنظر، هذه الحرب تعمل على إزالة العوائق في طريق الهمينة الامريكية، والقوى المعارضة التي تسبب الصداع لها، وتتمرد على سياساتها، وتمتنع عن تلبية رغباتها، هذه القوى التي لا تخفي معارضتها الفعلية لواشنطن تريد الأخيرة من هذه الحرب إفنائها والقضاء عليها، فهي فوائد متبادلة بين نتنياهو وبايدن.

من جانب آخر إن نتنياهو لا تحترم كثيراً الرئيس الأمريكي الذي يراه منتهي الصلاحية، كما أن النافذين في الإدارة الأمريكية واقفون كلياً مع الحرب بالكيفية التي تشتهيها إسرائيل، مثل ” جاك سوليفان- مستشار الأمن القومي، أنتوني بلنكن- وزير الخارجية-، بريت ماكغورك-ممثل الرئيس في الشرق الاوسط”، وتقف الكونجرس بكل القوة الامريكية مع نتنياهو، تنفيذاً لواجب رباني كما قال رئيس مجلس النواب.

  • إن التحركات الشعبية والفعاليات الثقافية التي غطّت مدن العالم، لم تنجح في التأثير على الرأي الرسمي الغربي لتغيير مسار هذه الحرب ومن ثم وقفها، ما يعني أن إرادة الشعوب لا تكون ذي أهمية إذا ناقضت المصالح السياسية، والمصلحة لا تستوجب أكثر من القلق إزاء الكم الكبير من القتل، لكن من دون توقف القتل.

لهذا كله بالإضافة الى تكاسل الدول الإسلامية وتواطوء بعضها، فشلت كل جهود المفاوضات التي استمرت سنة عجاف كاملة، والحرب تحصد الأرواح من دون خجل كما تقتضي الطبيعة الإنسانية أن تستحي من أعمال السوء. ولا يمكن أن يقبل به أي شخص شريف حسب قول وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.

إقرأ الخبر من مصدره

مقالات ذات صلة