الميتافيزيقا كلمة مؤلفة من ثلاث كلمات إغريقية وهي (Meta ta phusika) ومعناها ما وراء الطبيعة، أي ما وراء المحسوسات في الوجود، وهي حقائق الأشياء دون ظواهرها. وهذه الحقائق موجودة أبديا وأزليا في عالم الغيب، دون عالم الشهادة، ولذلك يُعرّف هذا البحث الفلسفي أحيانا بعلم الغيبيات عند العرب، بالإضافة إلى استعمالهم الكلمة الإغريقية.
والسبب في تسمية هذا البحث الفلسفي بهذا الاسم، أن أندرونيكس الرودسي حول سنة 70 قبل الميلاد، جمع مؤلفات أرسطو ورتبها، فجاءت بعض المؤلفات في الترتيب بعد المؤلفات عن علم الطبيعة فسماها ” ما وراء الطبيعة ” أي ما بعد المؤلفات عن علم الطبيعة، وليس لأرسطو علاقة بهذه التسمية.
ومن الصعب تعريف الميتافيزيقا تعريفا وافيا شافيا، في مجال محصور كمجالنا في هذا الجواب. ولكن يمكن أن يقال بإيجاز أن الميتافيزيقا في الفلسفة، هو البحث في حقائق الأشياء أو في حقيقة الكينونة، وهي حقائق غير موجودة في عالم الحس أو عالم الموجودات، وإنما توجد في عالم علوي مجرد، وتتمتع بالأزلية الأبدية بدون تغيير ولا تبديل. وكان أرسطو قد قسم الأشياء إلى حالتين: حالة ثابتة معصومة من التغيير أبدا، وحالة قابلة للتغيير والتحول.
فالحالة الأولى هي التي يختص بها علم الميتافيزيقا. والحالة الثانية هي التي تختص بها العلوم الطبيعية. وأطلق أرسطو على العلم الأول أي علم الميتافيزيقا اسم الفلسفة الأولى على اعتبار أن هذه الفلسفة تبحث في الحقائق الأولى للأشياء، مجردة عن الحس، وأن العلوم أو الفلسفات الأخرى تبحث في ظواهر هذه الحقائق كعلم الحيوان، يبحث في الحيوانات والعلم السياسي يبحث في القوانين الأساسية للدول وهكذا “. فالميتافيزيقا هو علم الأشياء الحقيقة التي لا يخلقها العقل، وإنما يكشفها فقط. أما الأشياء التي يتوصل إليها العقل ولا توجد إلا في العقل، فهي الأشياء المنطقية، والأشياء التي تفصل بين الحق والباطل هي الأشياء الأخلاقية. ومن الميتافيزيقا فكرة أفلاطون القائلة بأن للأشياء صورا أزلية أبدية تكون في عالم المثال وهي الصور الحقيقة، وغيرها نسخ ممسوخة عنها، أي أن الأشياء التي نعرفها حسيا في الوجود ان هي إلا صور ممسوخة وغير حقيقة. والكلام في علم الميتافيزيقا طويل نقتصر فيه على ما قلناه.
والله الموفق
28/08/2008
