أخر المستجدات

الأكثر قراءة

الرئيسيةسياسةالأبعاد الجيوسياسية لواقعة “الفنيدق” داخليا وخارجيا

الأبعاد الجيوسياسية لواقعة “الفنيدق” داخليا وخارجيا

ع اللطيف بركة : هبة بريس 

تشكل التحولات الجيوسياسية بمنطقة شمال أفريقيا وكذلك بلدان جنوب الصحراء، اهتمام بالغ للمنتظم الدولي، نظرا لسرعة الأحداث المتعاقبة بالمنطقة في العشر السنوات الأخيرة، عناصرها الأساسية الاحتقان الاجتماعي بفعل ارتفاع غلاء المعيشة، وكذلك تحرك ما تبقى من مليشيات التنظيم الارهابي داعش من سوريا إلى بلدان شمال أفريقيا عبر التراب الليبي والاستقرار في بعض البلدان جنوب الصحراء ك ” مالي” على حدود التراب الجزائري، من اجل اعادة التشكيل بدعم سري من بعض الدول، وما كشف عن ان هذا التشكيل يهدد الامن الإقليمي، هو احداث مقتل سائقين مغاربة بمالي ، وكيف تبنى التنظيم الهجوم، وبعدها التدخل الفرنسي لقتل زعيم التنظيم بعد ذلك، والتحرك الجزائري ضد المغرب، بعد قصف الجيش الملكي لشاحنات تعمل معدات عسكرية موجهة للتنظيم وإقحام لاسم ” جماعة التيجانيين” من خلال بلاغ لشيخ بالجزائر تحت امر جنيرلات العسكر ، بان الضحايا من القصف ” تيجانيين” من اجل خلق الفتنة بين هذه الزاوية وعمقها الصوفي بالمغرب، وشرعنة الحرب ضد المغرب من شيخ الزاوية بالجزائر، وكيف تبرأ منه تيجانيي موريتانيا التي أقحمت قسرا في النازلة ، وبالتالي خسر العسكر الجزائري مخطط خلق الفتنة للمغرب مع الجيران الجنوبيين .

عنصر الاحتقان الاجتماعي بالبلدان المغاربية لم يكن متساويا من حيث درجة حدته بين بلدان المغرب العربي، خصوصا ان هذا الاحتقان كان وليد مرحلة اولى متعلقة بتمظهرات الحراك الديمقراطي، والذي كان المغرب من اول الدول العربية التي استجابت لنداء الشارع من خلال مظاهرات ما يسمى ب ” حركة 20 فبراير” والتي تمخض عنها صعود الإسلامويين للحكم بايعاز انذاك من الإدارة الأمريكية، قبل ان يفشل المشروع في مهده، بسبب فشل هؤلاء في تدبير أمور شعوب البلدان المغاربية، ليتساقط هؤلاء كما تتساقط أسنان المشط المتراشي، بعدها جاءت فترة الحرب الدائرة بين روسيا واوكرانيا والتي كانت لها التداعيات الاقتصادية كبيرة على البلدان المغاربية، بحكم النشاط التجاري الدائر بين هاتين الدولتين من ” قمح وزيوت وبترول وأسمدة وغيرها من المواد، لتزداد الأزمة الاقتصادية تعقيدا وارتفعت معها الاسعار والاحتجاج من الشارع على غلاء المعيشة، مهما كل الإصلاحات المعمولة من الحكومات لم تقوى على الإصلاح الكامل، لأن ازمة كورونا ” الهزة الكبرى” أعقبتها مجموعة من الارتدادات السياسية والاقتصادية بالمنطقة لازالت حاضرة لحدود اللحظة .

العنصر الثالث وهو ليس بالجديد ولكن زادت من حدته كل الأسباب المذكورة سلفا، من ازمة كورونا إلى الحرب بين روسيا واوكرانيا وبعدها تقلبات السوق العالمية جراء الصراع المتنامي بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية وتداعياته على البلدان الأوروبية الذي تمخض عنه صعود حكومات يتزعمها اليمين المتطرف ، لتكون الهجرة ذلك السرطان النائم الذي استفاق من سباته وجعل موضوع الهجرة يحضى بالأولية جراء النزاعات المسلحة الإقليمية ، مرورا بانتشار المجاعة ونقص المؤن وغلاء المعيشة المتزايد والبحث عن كرامة العيش، وهو مازاد من الهجرات الجماعية بلدان جنوب أفريقيا إلى شمالها والذي تعتبر سواحل المغرب المنفذ القريب لقربه من أوروبا ، ليصبح المغرب هو ” شرطي المرور” لاوروبا ، الذي منع عن أراضيها عبر سنوات موجات كبيرة من المهاجرين الأفارقة ، غير ان عدم مبالاة بعض البلدان الأوروبية بمجهودات ( المغرب وإسبانيا ) في محاصرة الظاهرة، كانت المطالب دائما فيما مضى طلب دعم الاتحاد الأوروبي وإن كان بشكل محتشم استمر المغرب وإسبانيا بمواجهة التدفقات البشرية رغم دسائس الجارة الشرقية وعدم انخراطها في العملية بل أصبحت تضر بلدان الاتحاد الأوروبي ومعه المغرب، في دعم الهجرة السرية عبر ترابها وكذلك خلق التشويش على العمل المبذول وهو ما تصدت له إسبانيا في احداث سابقة بحدود سبتة .

ومن خلال صعود اليمين المتطرف المتزعم الآن لعدد من حكومات الاتحاد الأوروبي، عاود المغرب وإسبانيا باعتبارهما ( بوابتين) تجديد النداء حول تظافر جهود البلدان المتوسطية في التصدي لموجة تدفقات الهجرة، غير ان العملية سوف تحتاج من جديد نقاشات كبيرة حول آليات وأسس مواجهة هذه الظاهرة، والتي تستنبت جذورها من عدم الاستقرار الأمني والفقر والهشاشة .

فالتحولا الجيوسياسية ستكون الحسم ولو مرحليا في الظاهرة عبر اعادة إنماء بلدان منبع الهجرة، وكان المغرب سباقا حول هذا الملف يدعمه المتواصل للبلدان الأفريقية من اجل تطوير بنيّاتها الاقتصادية خصوصا الفلاحة وهو ما سوف تنخرط فيه عدد من البلدان العالمية، لكن نجاح هذا المخطط الاستراتيجي يقتضي تغيير أنظمة فاسدة وغير ديمقراطية والتي يحكمها العسكر او تسود بها جماعات متطرفة .

فواقعة الفنيدق والتي أظهرت التقارير الاستخباراتية ضلوع الجارة الجزائر في تحريكها كما حركت سابقا نفس الملف، بعد توقيف الامن المغربي لعدد من المهاجرين الجزائريين ضمن المجموعات التي دعت إلى تنظيم هجرة جماعية نحو سبتة .

إقرأ الخبر من مصدره

مقالات ذات صلة