أخر المستجدات

الأكثر قراءة

الرئيسيةسياسةالمصادقة على "المسطرة المدنية" تعيد ظاهرة تغيّب نواب الأمة إلى الواجهة

المصادقة على “المسطرة المدنية” تعيد ظاهرة تغيّب نواب الأمة إلى الواجهة


هسبريس – علي بنهرار

أنهى مجلس النواب أمس الثلاثاء، ضمن جلسة عمومية خصصت للدراسة والتصويت على مشروع القانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية، “مخاض” هذا النص التشريعي الذي ينسخ النص السابق المعمول به منذ 1974، بحيث صادق المجلس بالأغلبية على المشروع بموافقة 104 نواب ومعارضة 35 نائباً، لـ”يتوعّد” رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، بنشر أسماء النواب الغائبين بالجريدة الرسمية للمجلس.

وحسب مصدر داخل مكتب النواب فإنه “تطبيقاً لمقتضيات القانون الداخلي لمجلس النواب ستتم العودة إلى الكاميرات والاعتماد على البطائق الإلكترونية في الأماكن المخصصة لجلوس النواب في القاعة الكبرى للجلسات للتحقّق من الذين تغيبوا، مع أن البطائق غير عملية كثيرا بحكم أن نواباً يمنحونها لزملائهم”، مشددا على أن “المتغيّبين سيتوصّلون باستفسارات، ثم الاقتطاع من الأجرة”.

ولفت مصدر هسبريس إلى أن “جلسة التصويت على مشروع قانون المسطرة المدنية عرفت تفاوتا في الحضور”، موضحاً أن “هناك من حضر في البداية ثمّ غادر، مع أن اللحظة الحاسمة والأساسية هي مرحلة التصويت، لأن عدد الذين صوتوا لم يمنح لهذا المشروع البريق الذي كان يستحقّه باعتباره خطوة تشريعية هامة كانت تتطلب مشاركة جماعية لنتحمل جميعا مسؤوليتنا أمام التاريخ التشريعي لبلدنا”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;}

واستدرك مصدر هسبريس بأن النشر في الجريدة الرسمية من شأنه أن يكون “ضغطا أخلاقيا” كذلك، ويكشف “من يتغيب عن الجلسات بلا أي مبرر أو عذر موضوعي؛ وهو ما يسائل مصداقية كل نائب، لكوننا أحيانا نسجل حضور نواب داخل القبة لكنهم لا يلتحقون بالجلسات”، مضيفا أن “المكتب نبه النواب مرارا إلى ضرورة الحضور والمواظبة عليه في الجلسات وداخل اللجان، بما يعدّ التزاماً بالتعاقد السياسي الذي يؤطر علاقتهم مع من يمثلونهم من المواطنين”.

“بوار سياسي”

الأكاديمي عبد الحفيظ أدمينو، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال إن “نشر لائحة المتغيبين هو تطبيق لمقتضيات النظام الداخلي لمجلس النواب”، معتبرا أن إصدار اللائحة يتعين وفق هذه المقتضيات أن تترتب عليه عقوبات، بعد أن يطلع مكتب مجلس النواب على المبررات ويبت في مدى موضوعيتها؛ “فتلاوة الأسماء في الجلسات ونشرها وتفعيل الاقتطاعات كلها إجراءات تحاول التصدي للغياب الذي يشوش على العمل البرلماني”.

وضمن حديثه إلى هسبريس نبه أدمينو إلى أن “الغيابات المتكررة يمكن أن تؤدي إلى التجريد من العضوية”، موضحاً أن “هذا يشكل شقّأ أساسيّا في الحديث عن تخليق العمل البرلماني وعن مدونة الأخلاقيات، لكون الفاعل المؤسساتي لا بد أن يساهم في أداء يتصف بالفعالية”، وأوضح أن “التخليق لا يتعلّق حصراً بالصّفة والترشّح، بل يرتبط أيضاً وأساساً بالالتزام والحضور وممارسة الأشغال ليكون للبرلماني تأثير حقيقي”.

وسجل المتحدث عينه أن هذه اللائحة التي يعلنها مجلس النواب وتتضمن أسماء المتغيبين يمكن أن تكون بمثابة إشارة للأحزاب السياسية التي تمنح التزكية لبرلمانيين لا يشعرون بأهمية الأداء المؤسساتي، مسجلا أن “القيادات يمكن أن تتراجع عن التزكية حتى لا تتحمل العبء السياسي والأخلاقي لهذه الغيابات، لاسيما أننا نتحدث في الزمن الحالي عن أهمية الجدية كمدخل للممارسة السياسية، فمن لا يكترث بالعمل البرلماني يمكن أن يكون ذلك تمهيداً لإبعاده عن العمل الحزبي والسياسي”.

“مشكلة نخبة”

أحمد البوز، أستاذ باحث متخصّص في القانون الدستوري والعلوم السياسية، اعتبر أن “نشر هذه اللائحة لن يكون مجديا، لأنه ليس المرة الأولى التي يحدث فيها، وهو بشكل ما لا يمثل سوى تشهير ورغبة في التأثير المعنوي على النخب”، مبرزا أن “السؤال الحقيقي الذي يجب أن يطرح هو هل النخب متشبعة بالثقافة السياسية ولديها وعي بأن التصويت يتعلق بقوانين مصيرية تتطلب مسؤولية تشريعية وأخلاقية كبيرة؟”.

وأورد المتحدث أن “الاقتطاعات بدورها غير مجدية”، معتبراً أن “البروفايل الذي يغلب اليوم على الحضور داخل القبة هو رجل الأعمال، وهذا النوع لن تردعه الاقتطاعات التي يتوعده بها مكتب مجلس النواب أو غيره”، موضحا أن “المشكلة مركبة وبنيوية تمتد إلى الأحزاب التي تزكّي هؤلاء الأعيان على حساب المناضلين، لكونها صارت تشعر بأن لديهم قدرة تنافسية تستطيع حسم المعركة الإنتخابية، بالتالي يحافظ الحزب على وجوده بنخبة لا تحترم المؤسسات”.

ونبه البوز إلى مشكلة “غياب الالتزام التشريعي والبرلماني واعتبار البرلمان مجرد فضاء يشكل يافطة لأشياء أخرى”، مضيفا أن “كل الإجراءات ستنفع مع فئة دون أخرى، وحتى من يضع النظام الداخلي مقتنع بأن القضاء على الغياب لا يتطلب حلا سحريا، لأننا أمام مشكلة نخب سياسية وحزبية حتى تمثلها للوظيفة البرلمانية مختلف، ولذلك منذ سنوات طويلة هناك أنظمة داخلية ومقتضيات قانونية وغيرها، لكنها بلا أي أثر حقيقي”.

إقرأ الخبر من مصدره

مقالات ذات صلة