أخر المستجدات

الأكثر قراءة

الرئيسيةسياسةتقرير برلماني يشخص أعطاب السياحة المغربية .. مدينتان تهيمنان على 60% من...

تقرير برلماني يشخص أعطاب السياحة المغربية .. مدينتان تهيمنان على 60% من ليالي المبيت

سكينة الصادقي

سلط تقرير المجموعة الموضوعاتية المكلفة بتقييم السياسات العمومية في المجال السياحي، بمجلس المستشارين، الضوء على الإشكالات التي تواجه قطاع السياحة في المغرب وتحد من جاذبيته، مشيرا إلى المشكلات المتعلقة بتجديد أسطول النقل السياحي المتقادم ودعم المقاولات العاملة في هذا المجال وإنقاذها من الإفلاس، بسبب تفشي النقل السري وشركات التطبيقات الذكية، وعجز السلطات عن مواجهة انتشار ظاهرة الاقتصاد غير المهيكل في هذا الميدان.

تمركز سياحي

وذكر التقرير، الذي اطلعت عليه جريدة “العمق”، والذي سيعرض للمناقشة خلال الأسبوع المقبل، أن مهنيي النقل السياحي في بعض الأحيان وفي بعض المواقع، يعانون من عراقيل إدارية تتعلق بتجديد الرخص أو تأسيس الشركات، أو تعقيد مسطرة الحصول على البطاقة المهنية، مما يكلف هذه الشركات خسائر مالية بسبب تراكم الديون وضغط الالتزامات المالية، وهو ما يتنافى مع الجهود المبذولة للارتقاء بتنافسية السياحة.

من جهة أخرى، أشار التقرير إلى توفر المغرب على مؤهلات هائلة تجعله وجهة تنافسية قوية في المجال السياحي على الصعيد العالمي. فبالإضافة إلى الموقع الجغرافي المتميز وما تنعم به المملكة من استقرار سياسي ومؤسساتي، فإنها تتوفر على بنية تحتية متطورة تشمل مطارات دولية وشبكة مواصلات قوية، فضلاً عن الطبخ المغربي الأصيل والحضارة المغربية المستمدة من تاريخ طويل امتزجت خلاله ثقافات متنوعة، ومؤهلاتها الطبيعية. غير أن هذه المؤهلات والإمكانات السياحية ليست مستغلة بشكل كاف.

وفي هذا الإطار، أوضح المصدر ذاته أن الإمكانيات المتاحة لا يتم استغلالها بالشكل الكافي على مستوى الترويج للوجهة المغربية على الصعيد العالمي، فضلاً عن وجود تفاوت جلي في التنمية السياحية بين الجهات وداخل الجهة نفسها، وتمركز النشاط السياحي في بعض المدن الرئيسية مثل مراكش وأكادير، اللتين تمثلان ما يقرب من 60% من المبيتات.

هذا التركيز، بحسب ما خلصت إليه المجموعة، يعكس انعدام التوزيع المتوازن للسياحة عبر البلاد، بالإضافة إلى كون نصف السياح الوافدين إلى المغرب يأتون من فرنسا وإسبانيا، مما يزيد من ارتباط القطاع السياحي بتقلبات الظروف الاقتصادية والسياسية في هذين البلدين، كما يمثل تحدياً لتنويع قواعد الزبائن الدوليين وتقليل التبعية الشديدة لبعض الأسواق التقليدية، بالإضافة إلى أن مناطق مختلفة من المغرب تعرف تركزاً في فترات زمنية معينة خلال العام، مما يؤدي إلى عدم استقرار واستدامة العائدات المتحققة من النشاط السياحي.

موظفون موسميون

من خلال الزيارة التي قام بها أعضاء المجموعة الموضوعاتية للمعهد العالي للسياحة بطنجة، لاحظوا أهمية الدور الذي يقوم به هذا المعهد في مجال التكوين والتأطير في المجال السياحي والفندقي، بالإضافة إلى كون المناصب المالية المخصصة سنوياً لهذا المعهد تقل بكثير عن حاجياته الحقيقية، وأن تقليص الاعتمادات المالية المرصودة له منذ 2019 يحد بشكل كبير من قيامه بوظائفه على الوجه الأكمل.

كما سجل أعضاء المجموعة، إثر زيارتهم للمدرسة الفندقية بورزازات، دور هذه المؤسسة في تكوين وتأهيل الشباب في المجال الفندقي والسياحي، مما يستوجب مضاعفة دعمها بالإمكانات البشرية والمالية لتطوير أدائها وضمان ديمومة تدخلاتها بجودة وتميز.

وسجل أعضاء المجموعة خلال زيارتهم لعدد من المؤسسات الفندقية أن أغلب العاملين بهذه المؤسسات إما متدربين أو أعوان موسميين، وأنه رغم غياب معطيات دقيقة عن قياس كثافة التشغيل وتحليل أجور العاملين في السياحة، فإن القطاع يشكو من هشاشة كبيرة على مستوى الأجور وظروف العمل. إذ يتسم سوق الشغل السياحي بأجور زهيدة تقل في عدد من الحالات عن الحد الأدنى للأجور، فضلاً عن عدم التصريح بالعمال لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

كما يعرف نسبة كبيرة من عدم الاستقرار، خاصة في الأشكال غير النمطية للتشغيل، كالعمل المؤقت أو الموسمي أو العرضي، والعمل بدوام جزئي، والعقود المحددة المدة. يتسم القطاع أيضاً بالموسمية في كثير من الوجهات السياحية وبنقص في احترام مبادئ العمل اللائق في كثير من الأحيان، وفي ضمان الحقوق الاجتماعية واحترام تشريعات العمل، مما يحد من الاحترافية وجودة الخدمات السياحية، ويبعد القطاع عن تحقيق شروط التنافسية ويحد من جاذبيته.

الحكامة وإعادة النظر في التدبير

أوصى تقرير المجموعة الموضوعاتية بتعزيز الحكامة عن طريق توطيد دورية اجتماعات الهيأة العليا للسياحة برئاسة رئيس الحكومة، بما يضمن الالتقائية وتقييم منتظم للبرامج والتدخل لمعالجة المشاكل المطروحة في وقتها. كما أوصى بمراجعة العلاقات المؤسساتية بين وزارة السياحة والمؤسسات المتدخلة مباشرة في تدبير السياحة بالمغرب، والمكتب المغربي الوطني للسياحة والشركة المغربية للهندسة السياحية على الخصوص، وذلك باعتماد نهج تعاقدي يعتمد على التدبير المبني على النتائج بما يتيح تحديد الأهداف وتوفير الوسائل وربط المسؤولية بالمحاسبة، والإسراع بتشكيل المجلس الوطني للسياحة.

كما أوصى بتغطية كل أقاليم المملكة بالمصالح الخارجية لوزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، مع ضمان الالتقائية وانسجام أفضل بين المكتب الوطني المغربي للسياحة والشركة المغربية للهندسة السياحية، ودعم وتعزيز أدوارهما ومواردهما بما يستجيب للمعايير الدولية. وأوصى بإرساء الالتقائية بين الاستراتيجيات الوطنية المتعلقة بقطاعات السياحة والثقافة والصناعة التقليدية والشباب والنقل والتجهيز والرياضة والتنمية المستدامة وغيرها، والحرص على توطينها على المستوى الترابي بما يضمن تحقيق التوازن في تنمية السياحة بين كافة جهات المملكة.

وشدد التقرير على ضرورة الانتقال في تدبير السياسات العمومية المتعلقة بالسياحة من مقاربة الكم إلى الاهتمام بالكيف، من خلال التخلي عن منهجية الإنجاز الشامل للوجهات السياحية دفعة واحدة، واعتماد التدرج في الإنجاز حسب الأولويات. كما أوصى بمعالجة اختلالات تدبير الشركة المغربية للهندسة السياحية استناداً إلى توصيات التقارير المؤسساتية حول هذه الشركة، وذلك من خلال مراجعة إطارها القانوني بما يكفل تدقيق وظائفها وضبط علاقاتها المؤسساتية وعقلنة تدخلاتها.

كما شدد التقرير على إضفاء الطابع الاحترافي على استراتيجية التسويق من خلال ابتكار طرق وآليات جديدة لتسويق المنتوج السياحي، تضمن الترويج بطرق مبتكرة للمؤهلات السياحية مع الاعتماد أكثر على الرقمنة واعتماد مقاربة استباقية للتصدي لمختلف مظاهر تبخيس الوجهة المغربية، واستهداف أفضل للأسواق الواعدة عند الترويج لوجهة المغرب، والبحث عن أسواق جديدة دون التخلي عن الأسواق التقليدية، واستثمار الاستثناء المغربي بشكل أكثر مردودية، باعتباره نموذجاً سياسياً مستقراً، ونموذجاً اقتصادياً واعداً ومحيطاً سياحياً آمناً، بالإضافة إلى ما حققه من نجاحات رياضية، وتنظيم نهائيات كأس العالم سنة 2030.

وجاء ضمن التوصيات السهر على تطهير الفضاءات العامة والمدارات السياحية من ظاهرة التسول والتطفل وكل المظاهر المشوشة على السائح والمقلقة لراحته وطمأنينته، والاهتمام بإنشاء المرافق الصحية بمختلف الفضاءات السياحية، وإشهار الأسعار الخاصة بالسلع والخدمات المخصصة للسياح، وتشديد إجراءات مراقبة جودة الخدمات وتناسب الأسعار مع جودة الخدمات، والحرص على الالتزام بمواصفات الطبخ المغربي الأصيل فيما يتعلق بالوجبات المقدمة بناء على طلب السياح، وضمان تواجد أفراد الشرطة السياحية بأعداد كافية في الوجهات السياحية، ودعم قدراتهم المهنية للتصدي لكل المخالفات والأفعال المتسببة في الاعتداء على حرية السائح وأمنه. كما أوصى التقرير بنشر ثقافة السياحة في المجتمع من خلال الترويج لبرامج تحسيسية منتظمة تكفل الانخراط الإيجابي لجميع أفراد المجتمع في القيم الإنسانية للسياحة والالتزام التلقائي بما يفرضه واجب استقبال السائح.

وأوصى التقرير بمراجعة اختصاصات غرف الصناعة والتجارة والخدمات بما يتيح لهذه الغرف دعم استقلالها المالي وتمكينها من ممارسة صلاحيات تقريرية للمساهمة بفعالية في الارتقاء بالسياحة، باعتبارها هيئات منتخبة يلتئم فيها ممثلو المهنيين في المجال السياحي مما يؤهلها للاضطلاع بأدوار داعمة لجهود التنمية السياحية على المستوى الجهوي. وبرزت مبادرة غرفة الصناعة والتجارة والخدمات بجهة مراكش آسفي في إنجاز مشروع قصر المعارض، كنموذج للمشاريع التي يمكن للغرف المذكورة إنجازها ويكون لها أثر مباشر على دعم السياحة.

كما أوصى التقرير بإعادة النظر في النموذج التدبيري والاقتصادي لشركة الخطوط الملكية المغربية بما يكفل مساهمتها في التموقع القوي للمغرب على مستوى سوق الطيران الدولي وكذا خدمة السياحة الوطنية، وضمان الربط الجوي مع الأسواق البعيدة، وبتكثيف الجهود لتدارك التأخر الحاصل في مجال الرقمنة من خلال برنامج متطور وقابل للإنجاز والتقييم الدوري، وتسريع التحول الرقمي للقطاع، وزيادة اندماجه في قنوات التوزيع العالمية في ظل سياق تنافسي متزايد، وتطوير الآليات الرسمية للتواصل الرقمي، في مجال السياحة داخليا وخارجيا، والانخراط في السوق الرقمي للترويج للوجهة المغربية، والبحث عن آليات مبتكرة للاستفادة من عائدات الخدمات السياحية المستخلصة مباشرة لفائدة مواقع الترويج العالمية الكبرى.

إقرأ الخبر من مصدره

مقالات ذات صلة