أخر المستجدات

الأكثر قراءة

الرئيسيةسياسةعنف مدرسي 

عنف مدرسي 

بعد تقارير سوداء حول الهدر المدرسي وتراجع جودة المدرسة العمومية، يأتي تقرير آخر وصف بالكارثي أصدره المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي حول انتشار ظاهرة العنف المدرسي في أوساط التلاميذ والتلميذات، والتحرش الجنسي والعنف اللفظي والرقمي، حيث باتت سلامة التلاميذ تشكل هاجسا لأولياء الأمور ما يتعارض والأجواء المناسبة للتعليم والتنافس وفق الجودة المطلوبة داخل المؤسسات التعليمية.

لقد تحولت المدارس العمومية في ظل تراكم الأعطاب التي تعاني منها وفشل برامج ونظريات الإصلاح التي بقيت حبرا على ورق، والتحولات المجتمعية المتسارعة، إلى ساحة تنفجر فيها المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والعقد النفسية وتبعات التفكك الأسري، عوض دورها الحقيقي في غرس القيم والتربية على المبادئ والأسس السليمة، ومساعدة جيل المستقبل على تكوين شخصية متوازنة، تساهم في بناء الوطن.

تزايد حدة العنف المدرسي أكدته تقارير رسمية، ويمكن لأي عابر أن يلاحظه بأبواب المؤسسات التعليمية، حيث اعتراض التلميذات والتحرش بهن أمام الجميع وكأن الأمر يتعلق بممارسة رياضة عادية، والسياقة المتهورة والعراك العنيف بين التلاميذ باستعمال الأسلحة البيضاء وشفرات الحلاقة، والتمييز حسب المناطق والتنمر الواقعي والافتراضي بسبب الوضع الاجتماعي أو الإعاقة أو رفض الانخراط في أعمال الشغب أحيانا والغياب الجماعي عن الدروس.

وانتقل العنف بين التلاميذ بالقطاع العمومي، إلى عنف يمارسه التلميذ على أساتذته خاصة الأستاذات، كما سجلت شكايات التحرش الجنسي والعنف اللفظي من أطر إدارية وتربوية ضد تلاميذ وتلميذات، والعنف والتحرش الجنسي المسكوت عنه الصادر عن رؤساء ضد مرؤوسيهم في القطاع الحساس، ما يفاقم من الظاهرة الخطيرة ويتطلب الإسراع بمعالجتها وفق التشريعات القانونية المطلوبة والتوعية والتحسيس ومنح صفة ووظيفة المعلم لمن يستحقها ويقدر قيمتها في الميدان.

لقد بحت أصوات تهتم بالمدرسة العمومية، بالمناداة بتفعيل دور الأسرة في التربية والتعليم وإشراكها في برامج واضحة للتعامل مع اتساع والتطورات الخطيرة لظاهرة العنف المدرسي، كما أحدثت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة مصلحة بالمؤسسات التعليمية تسمى المشرف الاجتماعي الذي يستمع إلى التلاميذ الذين تسجل ضدهم شكايات العنف والغياب والشغب والسلوكات المشينة، قصد تقويم السلوكات والبحث في معالجتها بتنسيق مع الأسرة، لكن بقي كل شيء في مرحلة النظري كما هو الشأن بالنسبة للعديد من البرامج التي تبقى كديكور يؤثث المداخلات في الاجتماعات الرسمية بينما الواقع المر شيء آخر تماما.

إن المدرسة العمومية مكان آمن لتلقي الدروس والعلم، لكن الأسبق من ذلك هو التربية على القيم النبيلة وغرسها في نفوس الأجيال اللاحقة، وتشكيل التلميذ لشخصية قوية بفضل القدوة الحسنة والأجواء المناسبة للتعليم وتكثيف البرامج التوعوية والتحسيس بأخطار المخدرات التي أصبح بعض التلاميذ يتاجرون فيها وليس استهلاكها فقط، فضلا عن حماية محيط المؤسسات من الظواهر المشينة وفق الصرامة والاستمرارية المطلوبة دون تقاذف للمسؤوليات، وهذا كله وغيره كثير يتطلب العمل ولاشيء غير العمل كي لا نستفيق مرة أخرى على تقارير رسمية أكثر سوادا ونتظاهر باستغرابنا من الأمر..!

إقرأ الخبر من مصدره

مقالات ذات صلة