أخر المستجدات

الأكثر قراءة

الرئيسيةمجتمعرفيقي: المغرب تجاوز آثار أحداث 16 ماي وعلينا توعية الأجيال الصاعدة

رفيقي: المغرب تجاوز آثار أحداث 16 ماي وعلينا توعية الأجيال الصاعدة

أكثر من 20 عاما مرّت على أحداث 16 ماي 2003 الأليمة. فترة أكثر من كافية لمقاربة مدى نجاح السياسة الأمنية والحقوقية والمؤسساتية في مجال مكافحة الإرهاب والتصدي لتداعياته.

16 ماي من كل سنة يخلد فيه المغرب ذكرى تأسيس المديرية العامة للأمن الوطني، وذكرى أحداث الدار البيضاء الإرهابية، صدفة كانت كفيلة لمقاربة الواقع الأمني بالبلاد بعد الأحداث الدامية لتعيد طرح السؤال: مالذي تغير؟

محمد عبد الوهاب رفيقي، المعروف بـ”أبو حفص”، متخصص في قضايا التطرف والإرهاب والإصلاح الديني، أكد أن المغرب على المستوى الأمني تجاوز بشكل كبير تداعيات أحداث 16 ماي الإرهابية، على ‘‘الرغم من أنه مايزال يجد نفسه أمام عدد لابأس به من الخلايا التي يتم اكتشافها بين الفينة والأخرى في مختلف مدن المملكة، والتي تنتهي باعتقال المتورطين في تكوين الخلايا الإرهابية’’.

وشدد أبو حفص في حديث مطول مع جريدة “مدار21” الإلكترونية، أن المغرب لو قام بإحصاء عدد العمليات الإرهابية التي نجح منفذها في إحداث خسائر مادية أو بشرية لوجدها قليلة بل محدودة جدا.

وأشار الحقوقي إلى أن ما وقع سنة 2007 في سيدي مومن، بالإضافة إلى حادثة أركانة سنة 2011، وحادثة قتل السائحتين النرويجيتين، جلها حوادث تظل محدودة في مقابل اكتشاف العديد من الخلايا قبل انتقالها إلى التنفيذ، مشددا على أن هذه الأحداث كافية للقول إن المغرب تجاوز بشكل كبير الحد من المد الإرهابي الذي كان قويا في بداية الألفية.

وأشار رفيقي في المقابل إلى غياب تفاعل المغاربة مع ذكرى 16 ماي الأليمة، إذ شدد على أن يوم 16 ماي بات يشكل مؤشرا يدل على ضعف تفاعل المجتمع مقارنة لما كان عليه الأمر في السنوات الماضية، مردفا بقوله: ‘‘لو كانت التداعيات مازالت مستمرة لكانت الحادثة مازالت حاضرة بقوة، وهذا ما يدل على أن المغرب نجح في تجاوز ما وقع سنة 2003 بشكل كبير’’.

مالذي تغير؟

على المستوى المؤسساتي، لفت المفكر والباحث في الدراسات الإسلامية، أن المغرب بعد حادثة 16 ماي أحدث العديد من المؤسسات، سواء المتعلقة بتدبير الشأن الديني أو الهيكلة الأمنية، وأدخل عددا من التغييرات الشكلية والأمنية والموضوعية عليها، موضحا أن هذه المؤسسات أثبتت نجاعتها في محاربة المد الإرهابي وحصره بشكل كبير.

وبالتساؤل حول التغيرات التي طرأت على المستوى الديني منذ ذلك الحين، يرى رفيقي أن المؤسسة الدينية هيكلت نفسها بشكل كبير وأصبح التعامل مع الفوضى الدينية التي كانت قبل حادثة 16 ماي صارما جدا.

وقال: ‘‘رأينا تحول المغرب لنموذج يحتدى به في تدبير الشأن الديني والاستعانة بخبراته في هذا المجال’’، مشددا على المراقبة المستمرة التي باتت تنتهجها الدولة داخل المساجد والمدارس الدينية، بالإضافة إلى إنتاج خطاب ديني منفتح ومتلائم مع خصوصيات التدين المغربي على مستوى وسائل الاتصال الموجهة للعموم، سواء التلفزية أو الإذاعية أو غيرها.

وفي ما يتعلق بالمجال الحقوقي، أوضح “أبو حفص” أن المغرب “شهد بعد الأحداث الإرهابية العديد من الخروقات الحقوقية، لكن بعد فضح جريدة “ألباريز” سنة 2005 لهذه التجاوزات، تغيرت السياسة الحقوقية بالمغرب على مستوى الجهاز الأمني والقضائي وأصبحنا أماما مسارات قانونية تراعى فيها شروط الاعتقال والمحاكمة العادلة”.

وحسب الفاعل الحقوقي، فإن الاحتجاجات والأصوات الحقوقية التي كانت تنتقد وتنادي بالتعامل مع ملفات الإرهاب بشكل جيد خفتت نتيجة تجويد الترسانة القانونية والحقوقية بعد إخراج القانون المتعلق بالإرهاب”، ما يعني حسب “أبو حفص” أن هناك تطورا كبيرا على المستوى الحقوقي بشأن التعامل مع ملفات المعتقلين.

وفي ساق الحديث عن معتقلي أحداث 16 ماي، يضيف المتخصص في قضايا التطرف والإرهاب، أنه ‘‘بفعل الصدمة الكبيرة التي أصابت الدولة والمجتمع معا فلا يمكن أن نحاكي ما وقع ذلك الحين، نتيجة عنصر المفاجأة والمباغتة، حيت إن الجميع كان يعتبر المغرب دولة آمنة، وبعيدة كل البعد عن التأثر بموجات الإرهاب التي كانت تضرب بعض المناطق آنذاك’’.

“مصالحة” لبداية جديدة

بعد سنة 2017 كانت خطوة المغرب الأولى هي التفكير في إطلاق برنامج “مصالحة”، الذي جعل العديد من المعتقلين على خلفية قضايا الإرهاب يخضعون لعدد من البرامج التأهيلية الدينية والحقوقية والتكوينية في مجالات مختلفة لمنحهم الفرصة في تغيير قناعاتهم، يضيف رفيقي.

وبخصوص الحديث عن وضعيتهم، يقول رفيقي أن العديد منهم خرج من السجون المغربية نتيجة تمتعهم بالعفو بعد الانخراط في برنامج مصالحة، أو بسبب انقضاء مدد الحكم عليهم. وأصبح من النادر جدا اليوم الحديث عن الإشكالات الحقوقية المرتبطة بمعتقلي أحداث 16 ماي الإرهابية على عكس ما كان عليه في السابق، ضيف المتحدث.

وأوضح الباحث عينه أنه منذ ذلك الحين بات التعامل مع معتقلي الإرهاب، خاصة على مستوى المؤسسات السجنية، بشكل جيد، وأصبح التعامل مع قضايا الإرهاب بشكل قانوني حتى لو وقعت بعض التجاوزات فهي ليست بالممنهجة.

استثمار الذكرى لـ”مناعة جماعية”

وسجل محمد عبد الوهاب رفيقي، الاهتمام  الخافت بذكرى أحداث 16 ماي عكس ما كان عليه في السنوات الماضية، ما يتطلب حسبه استثمار هذه الذكرى لتوعية الأجيال الصاعدة التي لم تعش الأحداث الأليمة والعمل على توعيتها بخطر الإرهاب.

ويحتاح العديد من الشباب اليوم، حسب الباحث في الشؤون الدينية، إلى المزيد من التحصين والتوعية لإنقاذهم من الأفكار المتطرفة ولتكريس ثقافة السلم والتعايش وتعزيزها داخل المؤسسات التعليمية.

كما يمكن تخليد هذه الذكرى من حيث دلالاتها الرمزية، للتذكير بالشهداء الذين قضوا في تلك الأحداث وكانوا ضحايا العمل الإرهابي المدمر، يوضح رفيقي.

إقرأ الخبر من مصدره

مقالات ذات صلة