أخر المستجدات

الأكثر قراءة

الرئيسيةمجتمعبنزاكور: التحرش الجنسي بالمغرب تحول لظاهرة انحرافية والمسؤولية مشتركة

بنزاكور: التحرش الجنسي بالمغرب تحول لظاهرة انحرافية والمسؤولية مشتركة

مع تكرار مشاهد التحرش الجنسي في الشارع المغربي، التي كان آخره ما تعرضت له فتاة في مدينة طنجة، نادت العديد من الأصوات الحقوقية النسائية بتوزيع الصفارة لاستعمالها عند التعرض للتحرش الجنسي كما تم في سنة 2018، لكن المختص في علم النفس الاجتماعي محسن بنزاكور، قلّل من فعالية هذا الحل معتبرا الصفارة حلا “ترقيعيا”، داعيا إلى بناء “مجتمع لا ينظر إلى الجسد على أنه ملك يمكن أن يمارس عليه الجنس حتى في الشارع العام”.

وتعليقا على اقتراح بعض الجمعيات النسائية استعمال الصفارة للحد من التحرش الجنسي في الشارع المغربي، قال بنزاكور في تصريح لجريدة “مدار21″، إن “هذه حلول ترقيعية، فاحتمالية أن يجتمع الناس حول متحرش في الشارع لتخليص المتحرش بها منه غير مؤكدة”، شرحا موقفه “في بعض الحالات، عوض أن يتدخل الناس من أجل تخليص المتحرش بها يخرجون هواتفهم للتصوير”، متسائلا: “هل نمتلك الشهامة والقدرة على التدخل ومد يد المساعدة لمن هو في حالة خطر”.

أستاذ علم النفس الاجتماعي قال، في تشخيص لظاهرة التحرش الجنسي، إن “انحراف السلوك الإنساني إذا ترجم على أرض الواقع وعلى مرءا من الناس وانتشر فهو يتحول إلى ظاهرة، خصوصا إذا أصبح متكررا، وما نراه اليوم من تحرش جنسي لم يعد كما كنا نعتقد في السابق حينما يختلي أحدهم بموظفة أو تلميذة، بل أصبحنا نراه في الشارع العام، وهذ يطرح أكثر من سؤال”، مؤكدا أن “التحرش الجنسي في المغرب، اعتمادا على الملاحظة، وصل إلى مستوى ظاهرة انحرافية”.

وسجل المتحدث ذاته في حديثه مع جريدة “مدار21” الإلكترونية، أن “الأصل في المسألة أنه حينما يكون هناك ارتباط مرضي بين الشخص والجسد من الناحية النفسية، ونحن نعرف بأن علاقة الإنسان مع جسده جزء جوهري في بناء الذات السوية، فهذا يعني أن الإنسان مر عبر مراحل نمو من الطفولة إلى المراهقة إلى الشباب ويكون في علاقة معرفية علمية تقديرية بجسده، وحينما يطور هذه العلاقة يطور معها بالموازاة علاقته بجسد الآخر، والجسد هو الرابط بينهما”.

وأضاف الأكاديمي نفسه “هذا يذكرنا بمقولة الفيلسوف المغربي محمد لحبابي: يجب الانتقال من الكائن إلى الإنسان. لذلك فإن كان لنا جسد فهو ليس كباقي الأجساد الأخرى”، مردفا أن “الذي يتحكم في السلوك الإنساني ويضبطه هو إنسانيته، وهذه الأخيرة تتجلى في القيم الأخلاقية والدينية والقانونية، كما تتجلى أيضا في الرابط الذي يجمع بين الإنسان وأخيه الإنسان وهو الاحترام والحب والجنس”.

وأشار محسن بنزاكور إلى أن “الجنس هو أولى من أي علاقات أخرى ويقتضي أن نجعل له فقرات في القانون والمؤسسات، ويجب أن نحدد تلك الحدود الشاذة للسلوك الإنساني”.

وعد المصرح ذاته أن السبب في التحرش الجنسي “هو علاقة الشخص بالجسد، وهناك ثغرات كبيرة في بناء هذه العلاقة”، وتحدث عن “غياب التربية الجنسية في المدارس وانتشار طابوهات بين الأسر المغربية”، مضيفا أن “الانفتاح المبالغ فيه للأطفال على المواقع الإباحية ومواقع التواصل الاجتماعي في سن مبكرة بدون أي قيود معرفية وفكرية يؤدي إلى تهييج وتجييش المشاعر الجنسية”.

وذكر الخبير السوسيولوجي أن “الذين قاموا بالتحرش بتلك الفتاة بطنجة كانوا قاصرين، لذا يجب أن ندق ناقوس الخطر، فهذه المسألة تتعلق بالتربية والتكوين والتعليم والأسرة، بل حتى بالمجتمع المدني الذي غفل عن هذا الجانب”، مشيرا إلى “غياب الاستراتيجيات الحكومية الموجهة لهذه الفئة وغياب برامج تهم الشباب بالشكل المباشر”.

ولم ينف المتحدث ذاته مساهمة العوامل الخارجية “مثل الحبوب المهلوسة والمخدرات التي تكون أيضا عاملا مهيجا لهؤلاء الصبية والمراهقين وهم في أوج نموهم الجنسي وبالتالي يجعلهم ذلك يتجهون إلى الفعل مباشرة دون مراعات الآداب العامة والاخلاق”.

ويرى بنزاكور أنه من “السهول اتهام أولئك الصبية، لكن المسؤولية هنا مشتركة بين المؤسسات والأسرة لأنهما يساهمان في هذه السلوكات”، مستدركا “هذا لا يعني عدم تجريم المتحرشين بتلك الفتاة، لكن المقاربة القانونية الزجرية والأمنية غير كافية لمنع انتشار هذه الظاهرة”.

وخلص المتحدث في حديثه للجريدة إلى أن “السبيل إلى الحد من ظاهرة التحرش الجنسي هو بناء مجتمع يحترم بعضه البعض ولا ينظر إلى الجسد على أنه ملك يمكن أن يمارس عليه الجنس حتى في الشارع العام، ويجب أن نبي إنسانا قادرا على تحمل مسؤولية أفعاله”.

إقرأ الخبر من مصدره

مقالات ذات صلة