أخر المستجدات

الأكثر قراءة

الرئيسيةحواراتسامبي: الرئيس الجديد في السينغال يعي أهمية الروابط التاريخية مع المغرب

سامبي: الرئيس الجديد في السينغال يعي أهمية الروابط التاريخية مع المغرب


حاوره: عبد العزيز أكرام

قال باكاري سامبي، خبير سينغالي في الشأن الإفريقي، إن “العلاقات السينغالية المغربية علاقات تاريخية وثقافية قبل أن تكون سياسية وديبلوماسية، حيث ستكون الإدارة الجديدة واعية بحجم هذه العلاقة وضرورة الحفاظ عليها، في وقت يظل فيه المغرب دولة جسرا وذا مبادرات مهمة لصالح منطقة الساحل والقارة الأفريقية ككل”.

وأكد الأستاذ بجامعة “غاستون بيرجي” بسان لويس السينغالية، ضمن حوار مع هسبريس، أن “المبادرة الأطلسية التي أطلقها المغرب تعد استكمالا لخياره تجاه القارة؛ ذلك أنها ستكون فرصة لتبادل التجارب والخبرات بين دول الساحل وستفتح الباب أمامها للاستفادة من المحيط الأطلسي، موازاة مع تصوره المطروح كذلك لأنبوب الغاز مع نيجيريا الذي ستستفيد منه السينغال بدورها”.

وأوضح المدير الإقليمي لـ”معهد تمبوكتو للأبحاث” صاحب كتاب “المغرب الأفريقي: مسارات طموح قاري” أن “الموقف السينغالي من الوحدة الترابية للمملكة مبدئي وواضح، تطور بتعاقب الرؤساء وبافتتاح قنصلية بالأقاليم الجنوبية التي تعد نموذجا للتنمية المستدامة بالقارة ومصدر إلهام لدول أخرى”، لافتا إلى أن “هذا ينضاف إلى تعاون مستمر بين البلدين في المجال الديني والروحي”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} نص الحوار: انتهى إذن عهد ماكي سال وبدأ عهد باسيرو ديوماي فاي. كيف تترقبون أن تكون إدارة الرئيس الجديد للعلاقات الخارجية للبلاد في ظل مناخ سياسي جيو-استراتيجي معقد تعرفه المنطقة؟

هذا تساؤل مشروع يثيره التغيير السياسي الذي حدث مؤخرا بالسينغال لدى عدد من الشركاء الإقليميين والدوليين حول مستقبل السياسة الخارجية للبلد والتوجهات الاستراتيجية للسلطة الجديدة. السينغال حاليا تمر بفترة خاصة ودقيقة في ظل استبدالها للقيادة السياسية بشكل ديمقراطي ودخولها نادي الدول المصدرة للنفط والغاز، في وقت تعيش منطقة غرب أفريقيا والساحل عهدا جديدا بعد وصول الأنظمة العسكرية إلى السلطة.

لكن أمام كل هذه التغيرات، فإن داكار تظل متمتعة بتقليد ديبلوماسي طويل من خلال ضبط النفس والاعتدال والحوار كمبدأ توجيهي، حيث يبقى ديبلوماسيوها وخبراؤها مطالبين بإقامة التوازنات بين عهد ماكي سال وعهد ديوماي فاي، لكن هنالك قناعة شخصية بأن الإدارة الجديدة ستسعى إلى الحفاظ على هذه التوازنات فيما يخص علاقتها بمختلف الدول.

المغرب واحد من بين الدول التي تربطها علاقات عريقة ومتقدمة بالسينغال. هل سنكون أمام استمرارية الزخم نفسه كما في عهد ماكي سال أم إن القيادة الجديدة ستكون لها نظرة خاصة للموضوع؟

العلاقات بين المغرب والسينغال علاقات خاصة، تاريخية وثقافية قبل أن تكون علاقات سياسية وديبلوماسية؛ فالرباط تظل في صلب السياسة الخارجية لداكار، وربما هذا ما يتضح لكل المتتبعين للشأن الإقليمي والقاري ككل. فكما رأينا، حتى الملك محمد السادس قام بتهنئة الرئيس الجديد بعد فوزه مباشرة، وهي رسالة مشبعة بنفس الأخوة التي تربط الشعبين السينغالي والمغربي كذلك. وعلى الرغم من تغير القيادة الحاكمة إلا أنه ليس هنالك شك في أن تستمر العلاقة المثالية بين البلدين التي تعد نموذجا للتعاون بين بلدان الجنوب، في وقت تُدرك الأجيال المختلفة من السياسيين بالرباط وداكار التحديات التي تحيط بهذا التعاون الثنائي.

وما الذي يمكن القيام به في نظرك لتطوير هذه العلاقات بين البلدين؟

كما قلت سالفا، فإن هذه الشراكة بين الدولتين بإمكانها أن تتقوى مستقبلا من خلال الاستفادة من المبادرات الجديدة التي أطلقها العاهل المغربي، بما فيها المبادرة الأطلسية ومشروع أنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا والمغرب، موازاة مع انضمام السينغال للدول المنتجة للنفط والغاز. وبذلك، يكون المغرب دولة جسرا وموفرا لفرص هائلة بالقارة يمكن لداكار الاستفادة منها ومن شأنها أن تعود بالنفع على الطرفين.

ماكي سال وحتى في فترة نهاية ولايته ظل متشبثا بالمغرب. ما الذي يفسر في نظرك هذه العلاقة الوطيدة بين الطرفين إذا ما ربطناها بطموح بعض القادة بالقارة إلى الاستقرار بالمملكة بعد نهاية ولايتهم الرئاسية؟

الأمر جد طبيعي لأن المملكة معروفة أساسا بكونها أرضا للضيافة والترحيب ليس فقط للأفارقة؛ فالضيافة جزء من الثقافة المغربية ككل. ولا ننسى أن ما يساعد على هذا هو استقرار هذا البلد واستدامة علاقاته مع بقية دول القارة. كما أود الإشارة إلى أنه منذ عهد الحسن الثاني، كانت الديبلوماسية المغربية تعتمد على العلاقات الشخصية مع رؤساء الدول، حيث رأينا كيف أن الصداقة كانت قائمة ما بين الجانب المغربي وكل من علي بونغو، الرئيس الغابوني، سيكو توري، الرئيس الغيني، فضلا عن الرؤساء السينغاليين، بداية بليوبولد سينغور مرورا بعبد الله واد، ونهاية بماكي سال.

على صعيد آخر، طرح المغرب في شهر نونبر الماضي مقترح المبادرة الأطلسية الرامي إلى تمكين دول الساحل من الاستفادة من المحيط الأطلسي. ما تعليقك على هذه المبادرة كباحث في الشؤون الأفريقية؟

تؤكد هذه المبادرة الخيار الأفريقي الذي لا رجعة فيه للمملكة، سيرا على ما صرح به العاهل خلال خطابه التاريخي بأديس أبابا. كما تشكل توحيدا لجميع دول المنطقة في لحظة حاسمة تتطلب البحث عن حلول للمشاكل التي تتخبط فيها القارة باعتبار ذلك ضروريا لضمان سيادتها.

العاهل المغربي أوضح وقتها كذلك رغبة الرباط في تعزيز التعاون مع دول الساحل الأطلسي الإفريقي، وهو ما يثبته كذلك مشروع خط أنبوب الغاز مع نيجيريا الذي يعد رافعة حقيقة للتكامل الإقليمي.

واستحضارا لكل هذه العناصر، تشكل المبادرة الأطلسية بابا موسعا لتبادل الخبرات والتجارب والفوائد كذلك، بما يرتبط بكون المملكة تطرح دائما مبادرات واقعية وملموسة بهدف تعزيز التكامل الاقتصادي بالمنطقة، بما فيها “الإيكواس” وخارجها كذلك؛ فمن المنتظر أن تكون لهذه المبادرة نتائج مهمة إذا ما تفاعلت مختلف الدول بشكل إيجابي معها، وذلك ما سيكون بطبيعة الحال بالنظر إلى جديتها.

علاقة بملف الصحراء، لداكار موقف واضح عبرت عنه في محطات سابقة، لكن ألا تظن أن بعض الأطراف ستحاول جاهدة استمالة الرئيس الجديد لدفعه إلى أي سيناريو مفترض بخصوص هذا الملف؟

كما تعلم، قد أثبت التاريخ السياسي المعاصر أن اصطفاف السينغال مع الموقف المغربي فيما يتعلق بصحرائه وسلامته الإقليمية هو موقف مبدئي، حيث أثيرت المخاوف نفسها عندما وصل عبد الله واد إلى السلطة عام 2000 ورأينا وقتها كيف قام بزيارات رسمية إلى المغرب، في وقت استثمر ماكي سال في تعزيز هذا الموقف خلال فترة حكمه عبر افتتاح قنصلية بالداخلة، بينما ألقى الملك محمد السادس ولأول مرة خطاب المسيرة الخضراء من داكار (2016)، وهو ما لم يقم به من قبل.

أشير هنا كذلك إلى أن الأقاليم الجنوبية للمملكة تُعد نموذجا للتنمية المستدامة بالقارة، حيث يشكل التطور المذهل الذي شهدته خلال الفترة الحالية مصدر إلهام للبلدان الأفريقية الأخرى. وستتضح أكثر هذه التنمية مع الشروع في تنفيذ تصورات المبادرة الأطلسية.

المنطقة الإفريقية اليوم تعيش على وقع تطورات متلاحقة، خصوصا في الجانب الأمني. كيف ترصدون محاولة جهات تحويلها إلى ساحة حرب؟ وما دور المغرب هنا؟

تحتاج القارة الأفريقية اليوم إلى التكامل لمواجهة مختلف محاولات الانفصال التي لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الأمني المقلق بالمنطقة، خصوصا بالساحل؛ فنحن نظل مرتبطين بحتمية الأمن الجماعي، ويجب على دول المنطقة الاستثمار في تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي من خلال تجنب تشتيت طاقتها، في وقت تظل مطالَبة بمواصلة زخم التكامل والوحدة. ما زلنا أمام عدد من التحديات التي من المنتظر أن تعترض طريقنا، فتحولنا الاستراتيجي كقارة يمكن أن يغير حتى من طبيعة القوى على المستوى الدولي، وهذه فرصة للمغرب بالتأكيد لتعزيز مكانته باعتباره “دولة جسرا” والأخذ بيد أقرانه الأفارقة، وهو ما أكدتُ عليه ضمن كتابي الجديد “المغرب الأفريقي: مسارات الطموح القاري” الصادر في يناير الماضي.

بالعودة إلى موضوع علاقات السينغال المغرب، تتعاون الدولتان بشكل كبير في المجال الديني والروحي. ما ثقل التعاون الثنائي في هذا الجانب؟

تتمتع العلاقات السينغالية المغربية بخصوصية ترجع إلى حد كبير إلى البعد الروحي الذي جرى ترسيخه منذ قرون؛ فالبلدان يتقاسمان هوية دينية مبنية على أساس مجتمع العقيدة الأشعرية والفقه المالكي والتصوف السني. كما نشير هنا إلى تدشين الحسن الثاني المسجد الكبير بداكار سنة 1964، تلاه إنشاء رابطة علماء المغرب والسينغال سنة 1985، ثم الحضور المستمر للعلماء السينغاليين خلال الدروس الحسنية الرمضانية كتتمة للتعاون الحالي في تكوين الأئمة الذي تشرف عليه مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة.

لا ننسى في هذا الصدد أهمية ودور الزاوية التيجانية، حيث مثلت مدينة فاس مكانا للتزود الروحي المستمر لملايين من الأفارقة، من خارج السنغال كذلك. ونود أن نؤكد على ضرورة الاهتمام بهذا المعطى بالنظر إلى أهميته في العلاقة بين البلدين؛ فالمغرب يستفيد من رأس مال رمزي في مجال الديبلوماسية الدينية بالقارة، وهو ما تفتقر إليه بلدان أخرى.

إقرأ الخبر من مصدره

مقالات ذات صلة